السبت, 22 نوفمبر 2025 02:09 AM

أبو طالب غفوروف: قصة الشاعر الداغستاني المكرم الذي ألهم رسول حمزاتوف

أبو طالب غفوروف: قصة الشاعر الداغستاني المكرم الذي ألهم رسول حمزاتوف

كتب رسول حمزاتوف في كتابه "داغستان بلدي": "وجدني أبو طالب في الصباح وأنا أقرأ 'الجريدة الأدبية'... قلتُ له: – إنهم يكتبون حول كيفية تخفيف الضجيج في المدن... ردَّ قائلًا: – من الأفضل لهذه الجريدة أن تناقش كيف يمكن تقليل الضجيج الفارغ في الأدب!"

كثيرًا ما نردد أو نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي عبارات واقتباسات منسوبة إلى شاعر داغستان الكبير رسول حمزاتوف (لأنه أوردها في كتابه "داغستان بلدي") مع إشارة إلى اسم أبو طالب من قوموخ أو من دون ذكر اسمه باعتباره صاحب مثل تلك الأقوال. وكتاب "داغستان بلدي" زاخر بمثل تلك الاستعارات التي ينسبها رسول حمزاتوف إلى صاحبها الأصلي أبو طالب غَفوروف… ولكن القارئ العربي عمومًا ينسب، من دون قصد، أقوال أبو طالب لرسول حمزاتوف. ولذلك لا بدَّ من التنويه إلى أنه يوجد كتاب باللغة الروسية بعنوان "أبو طالب قال… ورسول حمزاتوف قام بالتدوين" – لم يترجم إلى العربية.

ولد أبو طالب وكنيته غَفوروف في 21 نوفمبر/ تشرين الأول من عام 1882 (توفي ٢٩ نيسان ١٩٧٥) في قرية شوني في داغستان في عائلة فلاحية فقيرة وكثيرة العدد. وهو من القومية اللاكية. بدأ أبو طالب العمل منذ سن الثامنة – راعيًا لأبقار العائلات الثرية في قريته. وفي سن الحادية عشرة أرسله والده لكي يتعلّم مهنة الحِدادة في قرية قوموخ. وبعد أن أتقن المهنة سافر مع "المِعلّم" من أجل العمل والكسب إلى خارج القرية. حيث زار كلّ من دربنت وباكو وتفليس (تبليسي) وأستراخان وتساريتسين (فولغوغراد حاليًا). وقد تعلّم أثناء هذه الفترة الكلام باللغة القوموقية والأذربيجانية والجورجية وأصبح ملمًّا إلى حدٍّ ما باللغة الروسية أيضًا.

عاد أبو طالب إلى داغستان في سن الثامنة عشرة وأصبح الراعي الأول في القرية. ثم صنع لنفسه نايًا من القصب وبدأ في تأليف أغانٍ بسيطة لاقت رواجًا وقبولًا لدى الناس. ثمّ تعلّم في وقت لاحق العزف على الزورنا والشونغور والغوموز أو الخموس وهذه آلة ثلاثية الأوتار… تعود بداية نشاطه الإبداعي إلى تلك الفترة (1915-1916).

استقبل أبو طالب غفوروف الأحداث الثورية لعام 1917 وهو يعمل في إحدى القرى النائية في داغستان. شاءت الأقدار أن يلتقي في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين مع الكاتب والناقد والمترجم الداغستاني الكبير إفندي كابييف (١٩٠٩- ١٩٤٤)، وقد رسم ذلك اللقاء مساره الإبداعي اللاحق وكشف للقراء عن موهبته وعن إبداعه الأصيل. نُشرت قصائده لأول مرة عام 1932.

كان أبو طالب غفوروف عضوًا في أول مؤتمر يعقَد لاتحاد كُتّاب داغستان. وأصبح عضوًا في اتحاد الكتاب السوفييت منذ عام 1937. حصل عام 1939 على لقب شاعر الشعب في داغستان. صدر له حوالي ثلاثين كتابًا في داغستان وموسكو وفي سنوات مختلفة، ستة منها – باللغة الروسية. ترجمت قصائده ونشرت بجميع لغات شعوب داغستان، كما ترجمت إلى العديد من لغات شعوب الاتحاد السوفياتي السابق وعدد من اللغات الأجنبية، ولكن لم يُترجَم أيّ منها إلى اللغة العربية.

شارك أبو طالب بنشاط في الحياة العامة لجمهورية داغستان. إذ كان نائبًا في المجلس الأعلى لجمهورية داغستان الاشتراكية السوفياتية منذ عام 1955 لست دورات متتالية، وكان عضوًا في هيئة رئاسة المجلس، ومندوبًا إلى المؤتمر الثاني لعموم الاتحاد السوفياتي لأنصار السلام في موسكو عام 1957، كما كان عضوًا في مجلس اتحاد كتاب داغستان. كانت له مشاركات في احتفالات الفن والأدب الداغستاني في موسكو (1950)، وأمسيات الأدب القوقازي في تبليسي (1955)، وأمسيات الأدب الداغستاني في الشيشان – إنغوشيا (1960) وغير ذلك.

نال عام 1958 جائزة الدولة التشجيعية لجمهورية داغستان. وفي عام 1970 حصل على جائزة جمهورية داغستان والتي تحمل اسم سليمان ستالسكي. وفي عام 1974 نشرت دار نشر سوفريمينيك في موسكو مجموعة من قصائد وأقوال أبو طالب – ترجمها إلى الروسية الشاعر الروسي الموهوب فلاديمير سولوخين.

حصل أبو طالب غفوروف على وسام لينين وعلى وسام الراية الحمراء للعمل مرتين، وعلى وسام ثورة أكتوبر، وميداليات عديدة. قام رسول حمزاتوف بتخليد اسم "أبو طالب غفوروف" في كتابه الشهير "داغستان بلدي". كما أطلِق اسمه على أحد شوارع محج قلعة حيث توجد في بدايته لوحة تذكارية باسم الشاعر. يوجد له تمثال نصفي في ساحة واحدة من حدائق محج قلعة وهي تحمل اليوم اسم الشاعرة الأفارية الكبيرة فازو علييفا أو ألييفا.

أيها المسافر، إذا لم تعرج على منزلي فليسقط البردُ والرعد على رأسك، البَرد والرعد. أيها الضيف، إذا لم يرحب بك منزلي فليسقط البرد والرعد على رأسي، البرد والرعد.

من الأفضل لك أن يكون في جوارك كلب ينبح من مسؤول تمّت إحالته إلى التقاعد!.

في الصورة تمثال نصفي ل أبو طالب غفوروف في محج قلعة. وأنا أمرُّ بهذا التمثال عدة مرات أسبوعيا. وكثيرا ما أعمل استراحة قصيرة على مقعد بالقرب منه… (أخبار سوريا الوطن2-الكاتب)

مشاركة المقال: