السبت, 20 سبتمبر 2025 12:46 AM

أيلول في سوريا: موسم المونة يحيي التراث العائلي وتقاليد الأجداد

أيلول في سوريا: موسم المونة يحيي التراث العائلي وتقاليد الأجداد

دمشق-سانا: يحل شهر أيلول على سوريا حاملاً معه عبق التراث، حيث تنطلق فعاليات موسم المونة التقليدية، الموروثة جيلاً بعد جيل. يمثل هذا الموسم مزيجاً من العمل التعاوني والاستعداد لفصل الشتاء، بدءاً من تحضير المكدوس وصولاً إلى دبس البندورة والفليفلة، ودبس الرمان والكشك.

يتجلى الترابط الأسري في كل مرحلة من مراحل الإعداد، حيث يشارك جميع أفراد العائلة، صغاراً وكباراً، في عملية التحضير، وتبادل الخبرات والقصص، مما يعكس التمسك بالعادات والتقاليد السورية الأصيلة.

الجدة سارة الشمالي، في حديثها لمراسلة سانا، أشارت إلى أنها مستمرة منذ ستة عقود في إعداد الكشك ودبس البندورة والمكدوس بنفس الطريقة التي تعلمتها من والدتها، بمشاركة أبنائها. وأكدت أن هذه الطقوس الموروثة تمثل قصة حب وتراث يربط الأجيال ويضفي على شهر أيلول دفئاً خاصاً.

وحول طريقة إعداد المكدوس، أوضحت الشمالي أنها تبدأ بسلق الباذنجان الصغير وعصره، ثم حشوه بخليط من الجوز والفلفل الأحمر المجفف والثوم والملح الصخري، وحفظه في الزيت ليكتسب نكهته المميزة.

وأضافت أن إعداد الكشك ودبس البندورة ودبس الرمان يعتبر جزءاً أساسياً من موسم المونة، حيث يُحضّر الكشك من حبوب البرغل المجففة والمطحونة والمخلوطة مع اللبن للتخمير، ويُطهى تدريجياً حتى الحصول على قوام متماسك. أما دبس البندورة والفليفلة، فيتم غسل الثمار جيداً وفرمها وطهيها على نار هادئة لساعات حتى يتركز طعمها ويصبح جاهزاً للتخزين. بينما يُعصر الرمان لاستخلاص عصيره ويُطبخ للحصول على دبس غني ولذيذ، مع مراعاة التوازن بين الحموضة والحلاوة.

من جهتها، أوضحت سعاد هواري، ربة منزل، أنها تستبدل الجوز بالفستق العبيد أو تخلط زيت الزيتون بزيت عباد الشمس عند إعداد المكدوس لتقليل التكاليف.

لموسم المونة بعد اقتصادي أيضاً، حيث تلجأ بعض العائلات إلى بيع المكدوس ودبس البندورة والفليفلة والرمان والكشك لتوفير دخل إضافي، سواء في الأسواق المحلية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يحوّل هذه العادة التقليدية إلى فرصة تجارية تدمج التراث بالمكسب المالي.

وفي هذا السياق، بينت روعة عبود، ربة منزل، أنها تقوم بإعداد المكدوس ودبس الفليفلة والبندورة وبيعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتوفير دخل إضافي.

ويؤكد عدنان تنبكجي، رئيس مجلس جمعية العادات الأصيلة للتراث، أن شهر أيلول يمثل موسم المونة للعديد من الأصناف، وأن هذه العادات استمرت في سوريا على مدى قرون، وتختلف طرق التحضير والكميات بحسب القدرة المادية لكل عائلة وكل محافظة. وأضاف تنبكجي أن مونة المكدوس ما تزال عادة حاضرة في كل بيت، حيث تمتزج رائحة الزيت والفليفلة والجوز مع اجتماع العائلة لإنجاز العمل. واختتم تنبكجي حديثه بالإشارة إلى أن هذه الطقوس تمثل جسراً بين الماضي والحاضر يعكس الصمود والتماسك الاجتماعي بين السوريين.

مشاركة المقال: