الإثنين, 3 نوفمبر 2025 02:38 PM

إدلب تستعيد عبق الماضي: موسم قطاف الزيتون بنكهة النصر والتحرير

إدلب تستعيد عبق الماضي: موسم قطاف الزيتون بنكهة النصر والتحرير

على الرغم من قلة إنتاج الزيتون هذا العام نتيجة للظروف المناخية الصعبة التي شهدتها المنطقة، إلا أن طقوس قطاف الزيتون المتوارثة عادت اليوم بنكهة مختلفة، ممزوجة بطعم النصر والتحرير، بعد غياب دام 14 عاماً بسبب الحرب التي شنها النظام البائد. يحمل هذا الموسم في طياته الكثير من الحزن نتيجة لمخلفات الحرب التي تركها النظام، حيث لم يتمكن المزارعون من تقديم الرعاية اللازمة لأشجار الزيتون بسبب الألغام ومخلفات الحرب ونقص الإمكانات.

تقول ابتسام مزنرة: "كنا نقيم فعاليات شعبية خلال موسم قطاف الزيتون لتعريف الناس بأهميته، وخاصة الأطفال، ولكن كل شيء جميل غاب خلال سنوات الحرب بسبب القصف الذي استمر 14 عاماً." وتضيف أن الطقوس الشعبية غابت عن موسم قطاف الزيتون في محافظة إدلب بسبب الحرب التي شنها النظام البائد منذ آذار 2011. وتوضح مزنرة أن موسم الزيتون في إدلب كان يشهد طقوساً شعبية تراثية، حيث تتشارك العائلات إعداد وجبة فطور تتضمن أكلات تقليدية مثل الزيت والزعتر مع خبز الصاج، بينما تتكون وجبة الغداء من المجدرة أو المغمومة أو المخلوطة المطبوخة على نار الحطب من بقايا أغصان الزيتون اليابسة.

وذكر المزارع محمد خيرو هرموش أن الأغاني التراثية القديمة والدبكة الشعبية كانت جزءاً لا يتجزأ من طقوس قطاف الزيتون، حيث كان المزارعون يخرجون منذ الصباح الباكر وحتى المساء، ويستمرون في العمل لعدة أسابيع. لكن هذه المشاهد غابت عن محافظة إدلب خلال سنوات الحرب، وحلّت محلها مشاعر الخوف والألم نتيجة للقصف الذي طال إدلب وما خلفه من معاناة على مدى 14 عاماً، حيث قُتل البشر ودُمر الحجر واُقتلع الشجر.

اليوم، يقطف المزارع الإدلبي مصطفى السعد وأفراد عائلته الزيتون من أرضهم التي نزحوا منها بسبب الحرب، وعادوا إليها بعد التحرير، وسط مشاعر خوف وقلق من انفجار لغم قد يكون مدفوناً تحت شجرة زيتون. ويشير السعد إلى أنه على الرغم من أن إنتاج الزيتون هذا العام ليس وفيراً بسبب الظروف المناخية وقلة الأمطار وتداعيات الحرب، إلا أنه يحمل الكثير من الفرح والتفاؤل، فما كانوا محرومين منه أيام المخلوع عاد إليهم بعد انتظار، وعاد المزارعون يهتمون بأراضيهم بعد غياب.

ويقول المزارع علوش علوش: "مواسم الزيتون السابقة كانت سيئة بسبب الحرب والقنابل التي كان يرميها النظام البائد على حقول الزيتون، حيث كانت تتساقط ثمار الزيتون قبل نضوجها في أغلب الأحيان، كما أننا لم نقدم الرعاية اللازمة للأشجار بسبب الحرب ونقص الإمكانات." ويضيف: "في الأعوام الماضية، كانت مواسم الزيتون مجبولة بالدم والخوف والحزن والقهر، اليوم كل هذا لم يعد موجوداً، وهذا أهم من كل شيء، سنحرث الأرض ونعيد للشجر حيويته بالاهتمام والرعاية أفضل مما كان، لطالما توفرت العزيمة والإرادة الصلبة والإصرار، وتحقق النصر والتحرير."

ويشير إلى أنه لم يعش هذا الفرح في السنوات الماضية بسبب الحرب، لكنه سيجمع ما يستطيع من ثمار الأشجار لتكون زاداً له في ظل الشح الذي يعانيه محصول الزيتون هذا العام. لقد اعتاد المزارع في إدلب وفي الشمال السوري ككل وعائلته كل موسم أن يأتوا إلى أرضهم لقطاف الزيتون، حيث يعدون إفطارهم وغداءهم على نار الحطب ويستمعون لأغانٍ تراثية. اليوم وبعدما أقفلت الحرب ملفاتها وبعد غياب طويل لطقوس قطاف الزيتون المتوارثة تعود شجرة الزيتون لتتنفس وزيتها يضيء من جديد.

مشاركة المقال: