الأربعاء, 14 مايو 2025 08:58 PM

إدلب: مستشفى الأمومة يصارع لإنقاذ الأمهات والأطفال وسط نقص كارثي في الإمكانيات

إدلب: مستشفى الأمومة يصارع لإنقاذ الأمهات والأطفال وسط نقص كارثي في الإمكانيات

تشهد محافظة إدلب في شمال غرب سوريا أزمة طبية متفاقمة تهدد حياة مئات النساء والأطفال، بعد توقف الدعم عن عدد من المشافي في المنطقة، مما أدى إلى تضاعف الضغط على مستشفى الأمومة في إدلب، الذي بات يعمل فوق طاقته الاستيعابية وسط نقص حاد في الإمكانيات والمستلزمات الطبية الأساسية.

وقالت الدكتورة إكرام حبوش، أخصائية نسائية ومديرة مستشفى الأمومة في مدينة إدلب، وهو مشفى عام مدعوم من منظمة سامز، في تصريح خاص: "منذ توقف الدعم عن عدد من المشافي المجاورة، تدفق المرضى إلى مستشفى الأمومة بشكل غير مسبوق، مما يفوق قدرتنا الاستيعابية، خاصة في أقسام الولادة والعناية بحديثي الولادة. نضطر يوميًا إلى اتخاذ قرارات طبية حرجة في ظل نقص حاد في الأجهزة والمستلزمات، وغياب الدعم المستدام".

وأوضحت أن المستشفى سجل يوم أمس الأحد 12 أيار 2025 أرقامًا صادمة في عدد الحالات التي تم التعامل معها: "أجرينا 15 ولادة طبيعية، بعضها معقد مثل حالات الحمل العسير مع فقر دم مزمن، وقصور في الغدة الدرقية، وحث مخاض. كما استقبلنا 9 حالات ولادة بدرجات خطورة مختلفة، بينها انفكاك مشيمة ونوبات صرع، ونفذنا 18 عملية جراحية، بينها 14 قيصرية لحالات خطرة، إلى جانب كورتاجين، وتجريف استقصائي، واستئصال كيسة مبيض".

لكن الأخطر، بحسب حبوش، هو النقص الحاد في حواضن الأطفال الخدج: "نواجه موقفًا مأساويًا يوميًا، حيث ينتظر الأطفال الخدج دورهم للدخول إلى الحاضنات. نضطر إلى نقل الحاضنات بين الأقسام، وفي بعض الأحيان نستخدم حاضنات العناية المركزة لتغطية النقص، مما يعرض حياة الأطفال للخطر المباشر".

تشير تقارير ميدانية إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت توقف الدعم بشكل كامل أو جزئي عن أكثر من 50 منشأة طبية في شمال غرب سوريا، وذلك بسبب تخفيض تمويل الجهات المانحة وتبدل أولويات بعض المنظمات الدولية، مما انعكس مباشرة على الخدمات الصحية المقدمة لأكثر من 4 ملايين مدني، غالبيتهم من المهجرين.

وتسبب هذا التوقف في إغلاق أقسام كاملة في مشافٍ حيوية، أو خفض قدرتها التشغيلية، ما دفع الأهالي إلى التوجه إلى مستشفى الأمومة في إدلب كأحد آخر المراكز القادرة على تقديم خدمات توليد ورعاية الأطفال حديثي الولادة، رغم افتقاره هو الآخر إلى الدعم الكافي.

من جسر الشغور، يروي أبو محمد، والد لطفلين توأم وُلدا في الشهر الثامن، مأساة مشابهة، إذ لم يجد حواضن متاحة لهما في أي من المشافي العامة بسبب الاكتظاظ والنقص الحاد في التجهيزات. يقول: "نقلوني إلى المشفى الخاص، وطلبوا 70 دولارًا عن كل طفل لليلة الواحدة، يعني خلال يومين فقط يجب أن أدفع 280 دولارًا، وهذا فوق قدرتي تمامًا". وأضاف: "أنا في حالة يأس، لا أعرف كيف سأؤمّن المبلغ ولا كيف سأحافظ على حياة أولادي!"، مؤكدًا أن غياب الحواضن في المشافي العامة يضع آلاف العائلات أمام خيارات مستحيلة.

وفي حادثة مشابهة، تقول نجاح محمود، وهي نازحة من ريف معرة النعمان الشمالي، وقد أنجبت طفلها الخديج في مشفى الأمومة منذ أيام، بصوت متقطع: "وصلت إلى المستشفى وأنا في حالة ولادة مبكرة. أخبروني أن الحواضن ممتلئة، وطفلي بحاجة ماسة إلى الرعاية. عشت ساعات لا توصف من القلق، كنت خائفة أن أفقده كما فقدت بيتي وكل شيء من قبل. لا أصدق أنه ما زال على قيد الحياة". وأضافت: "الممرضات والأطباء يعملون بكل طاقتهم، لكن الوضع يفوق قدرتهم. نرجو من العالم أن ينظر إلينا، نحن نعيش تحت الخطر كل يوم".

في ظل هذا الوضع المأساوي، يواصل مستشفى الأمومة في إدلب تقديم خدماته الطبية رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها، ومع ذلك، يتعرض العديد من الأهالي لخطر فقدان حياتهم وحياة أطفالهم بسبب النقص الحاد في الإمكانيات الطبية.

مشاركة المقال: