الأربعاء, 3 ديسمبر 2025 12:20 PM

إسرائيل تراهن على فتور واشنطن تجاه غزة: هل تفشل خطة ترامب؟

إسرائيل تراهن على فتور واشنطن تجاه غزة: هل تفشل خطة ترامب؟

تعرقل المماطلة الإسرائيلية المستمرة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد تسليم حركة «حماس» ما قالت إنه جثة أحد الأسرى الإسرائيليين. وتواجه هذه المرحلة تحديات كبيرة، منها فشل تشكيل «قوة الاستقرار الدولية» المقررة، وتعقيدات نزع سلاح حركة «حماس» وفصائل المقاومة الأخرى. ويزيد السلوك الإسرائيلي الأمني والميداني داخل القطاع، وضبابية ترتيبات الانسحاب، من صعوبة تنفيذ المرحلة الثانية.

مع تصاعد احتمال احتفاظ جيش العدو بالمناطق التي يحتلها شرقي الخط الأصفر، يجري التحضير لإعمار منطقة رفح المحتلة جنوبي القطاع تحت عنوان «مدينة رفح الخضراء». ويعني ذلك استمرار احتلال إسرائيل لنصف القطاع تقريباً، وإهمال المنطقة غير المحتلة. وتبدي تل أبيب تردداً في المضي في مشروع إعمار رفح، لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب تمارس ضغوطاً على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتيناهو، في هذا السياق.

وكشف مصدر سياسي إسرائيلي أن «ترامب لا يسمح لنتنياهو بتقويض وقف إطلاق النار في غزة، رغم أن الوضع هناك لا يتحسن، وإعادة الإعمار تتأخر». وقدرت «القناة 14» العبرية أن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي سيتناول ملفات إقليمية أخرى، منها «التوتر مع لبنان، والاتفاق الأمني مع سوريا». وكشف موقع «أكسيوس» الأميركي تفاصيل عن المحادثة بين نتنياهو وترامب، وقال إن «الأخير طلب من الأول تغيير مقاربته في سوريا وكذلك في غزة، والتعاون في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار».

ووصفت مراسلة صحيفة «معاريف»، آنا برسكي، خطة ترامب بأنها تبدو على «الورق» كخطة متكاملة: وقف تدريجي لإطلاق النار، ضربة لـ«حماس»، تمهيد لنزع سلاحها، تشكيل إدارة فلسطينية جديدة، وإعمار منظم بإشراف دولي. غير أن الواقع الميداني يكشف عن مأزق عميق. فـ«حماس» لم تنهَر، بل «استعادت زمام المبادرة في بعض المناطق». ولا تزال الدول التي يُفترض أن تشارك في «قوة الاستقرار» عاجزة عن التوافق على شكل المهمّة ومكوّناتها؛ فمصر ترفض تولّي مسؤولية أمنية مباشرة في غزة، والسعودية لا تريد دفع كلفة سياسية إقليمية للدخول إلى منطقة تهيمن عليها «حماس»، بينما تطالب تركيا بدور تعتبره إسرائيل «تهديداً مباشراً»، وتبدو «قطر مستعدّة للتمويل لا للمشاركة الميدانية».

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أن «القاهرة بدأت تنفيذ برامج لتدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية على الأراضي المصرية»، تمهيداً لتمكينهم من «تولّي مسؤولية حفظ الأمن في قطاع غزة بعد تثبيت وقف إطلاق النار». أما «اللجنة التكنوقراطية الفلسطينية» التي يُفترض أن تدير القطاع، فلا تزال «مجرّد ملفات بيروقراطية متداولة داخل وزارة الخارجية الأميركية»، علماً أنه لا يمكن لأي إدارة أن تنجح على الأرض من دون شرعية محلّية، تمرّ عملياً عبر «حماس» والعشائر، وهو ما ترفضه واشنطن وتل أبيب على السواء.

وتؤدّي الأحداث الأمنية المتلاحقة في غزة إلى تقويض فرص التقدّم؛ فكلّ اجتماع يُعقد في القاهرة للدفع نحو تنفيذ المرحلة الثانية، يُقابله تصعيد جديد. وبرأي براسكي، فإنه «في ظلّ غياب الاستقرار لأكثر من 48 ساعة متواصلة، تبدو الخطّة مجرّد حبر على ورق، تفتقر إلى الشروط الدنيا اللازمة لتفعيلها». وفي خضمّ ذلك، تتبلور في الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل والخارج رؤية لسيناريو ميداني قائم على البقاء في المناطق الواقعة شرق الخط الأصفر، ضمن حال «وضع راهن اضطراري». ويراهن بعض الإسرائيليين على «إرهاق إدارة ترامب من هذا الملف»، على أمل أن يُترك لإسرائيل التعامل معه منفردة، «مثلما حدث في مبادرات أميركية سابقة انتهت بخيبة أمل وتخلٍّ عن المتابعة».

مشاركة المقال: