الإثنين, 10 نوفمبر 2025 03:13 PM

إيران تواجه أزمة جفاف حادة: تراجع مخزونات المياه وتهديد بإخلاء طهران

إيران تواجه أزمة جفاف حادة: تراجع مخزونات المياه وتهديد بإخلاء طهران

أمیر دبیری مهر - تعاني إيران من أشد سنوات الجفاف منذ نصف قرن، مما أدى إلى انخفاض حاد في احتياطيات السدود، وخاصةً السدود الخمسة التي تغذي العاصمة طهران بمياه الشرب. يؤكد الخبراء أن معدل هطول الأمطار هذا العام كان ضعيفاً مقارنةً بالمعدلات التاريخية في إيران، التي قامت حضارتها على مرّ أكثر من 2500 عام على أساس التعامل مع ندرة المياه.

أسباب أزمة نقص المياه:

هناك عدة أسباب وراء أزمة نقص المياه الحالية، أبرزها تسعة أسباب رئيسية:

  1. سوء إدارة الموارد المائية، خاصةً المياه الجوفية، وحفر آلاف الآبار العميقة غير القانونية، مما استنزف مخزون المياه الجوفية في البلاد.
  2. تهالك شبكات الأنابيب القديمة التي يزيد عمرها على 100 عام، مما يتسبب في هدر كميات كبيرة من المياه.
  3. عدم فصل شبكات أنابيب مياه الشرب عن المياه غير المعالجة، مما رفع تكلفة المياه النهائية وأجبر الحكومة على تقديم دعم مالي كبير.
  4. إنشاء مصانع صناعية تستهلك كميات كبيرة من المياه في المناطق الجافة، مما أدى إلى الإفراط في استهلاك المياه الجوفية.
  5. نقص الاستثمار الجاد في تجديد وتحسين قطاع المياه خلال السنوات الماضية.
  6. الاستهلاك المفرط في القطاع الزراعي، حيث تُستخدم 90% من مياه البلاد في الزراعة التقليدية دون تبني تقنيات حديثة.
  7. تدخل غير مهني في تغيير مسارات الأنهار الطبيعية ومصادر المياه لأسباب سياسية واجتماعية، مما ألحق أضراراً جسيمة بالنظام البيئي المائي، أبرزها جفاف بحيرة أرومية، وبحيرة زاينده رود في أصفهان، وبحيرة هامون في سيستان وبلوشستان.
  8. عدم وجود نموذج استهلاك صحيح في المدن، مع إسراف في استهلاك المياه لدى العائلات الإيرانية بسبب انخفاض سعر المياه وعدم الرقابة على المشتركين ذوي الاستهلاك العالي. يبلغ المعدل العالمي للاستهلاك الفردي اليومي 130 لتراً، بينما يصل في إيران إلى 240 لتراً.
  9. البناء المفرط في المدن الكبرى، خاصةً طهران، حيث يستهلك سكان ثلاث مناطق شمال العاصمة كمية مياه تعادل استهلاك 20 منطقة أخرى.

الوضع الراهن: تحذيرات مثيرة للقلق

أصبح نقص المياه مقلقاً للغاية، حيث حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قائلاً: "إذا لم يهطل المطر خلال أسبوعين آخرين، فسيتم توزيع المياه في طهران، وإذا لم يهطل المطر حتى شهر آخر، يجب إخلاء طهران من السكان". أثارت هذه التصريحات انتقادات واسعة. وأشار العديد من المواطنين في مدن مثل أصفهان وبوشهر وأهواز وآبادان وشيراز عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى انخفاض ضغط المياه في مناطق عدة، بل انقطاع المياه في بعض المدن. في صيف 2025، اضطر كثير من الإيرانيين إلى شراء خزانات ومضخات لنقل المياه إلى الطوابق العليا في المباني، وهو ما فرض تكاليف باهظة، وسط اعتقاد أن بداية الخريف وهطول الأمطار سيحل المشكلة، لكن ذلك لم يحدث بعد.

آراء الخبراء والحكومة: تناقضات تثير الغضب

يعتقد بعض الخبراء أن الحكومة الإيرانية، بسبب العقوبات الدولية والإدارة الخاطئة، لم تستثمر بما يكفي في قطاعات المياه والكهرباء والطاقة خلال العقود الثلاثة الماضية، وأن أزمة المياه الحالية نتيجة هذا الإهمال. ويشير هؤلاء إلى أن الحكومة تحاول حالياً التهرب من مسؤوليتها باتهام الشعب بالاستهلاك المفرط وتهديده بتوزيع المياه. من جهة أخرى، يرى مديرو قطاع المياه أن خفض الاستهلاك بنسبة 10% يكفي لتجنب توزيع المياه، بينما تتوقع هيئة الأرصاد الجوية هطول أمطار ملحوظة في الشهر المقبل، ما قد يحل مشكلة الاحتياطيات مؤقتاً. أدت هذه التصريحات المتضاربة إلى حيرة المواطنين وعدم رضاهم.

تأثير الهجمات الإسرائيلية: صدمة إضافية وجذب انتباه الرأي العام

أعلن وزير الطاقة الإيراني أن شبكة إمداد المياه في طهران تعرضت لأضرار جسيمة جراء هجمات إسرائيلية على البنية التحتية، بالتزامن مع مطالبة إيران بتعويضات من الولايات المتحدة لدعمها إسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً في حزيران/يونيو 2025، والتي استهدفت أنابيب المياه في شمال طهران.

خطر الاحتجاجات

مع تصاعد غلاء السلع وزيادة الضغط الاقتصادي على الشعب، وعودة العقوبات الدولية بسبب الأنشطة النووية، تُعد أزمة المياه، إلى جانب انقطاع الكهرباء والغاز وتلوث الهواء، أرضية خصبة لعدم الرضا واندلاع احتجاجات، ما يستدعي جهوداً كبيرة من الحكومة لتفادي هذا الاستياء.

مشاركة المقال: