أبدى عدد من أصحاب المكاتب العقارية في دمشق ارتياحهم لقرار مصرف سوريا المركزي بإلغاء شرط إيداع 50% من قيمة العقار عند الشراء، معتبرين أنه كان عائقًا أمام حركة السوق ويقيّد المستثمرين والمواطنين.
محمد الخولي، صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة، أكد لمنصة سوريا 24 أن القرار "أعاد الروح لسوق البيع والشراء"، موضحًا أن الإجراء السابق كان يجمد نصف السيولة، ويعيق الحركة التجارية، خاصة مع وجود سقف سحب يومي محدود.
من جهته، أشار حسام حاتم، تاجر عقاري في حي التجارة، إلى أن التسهيل الجديد "يحمي الوقت والجهد ويزيل واحدة من أعقد حلقات الروتين العقاري"، معتبرًا أن مراجعة المصرف كانت تثقل كاهل التجار وتحد من قدرتهم على الاستثمار.
يأتي هذا القرار ضمن سياق إصلاحي أوسع أعلنته وزارة المالية في تموز 2025، والذي يتضمن تغييرات في تنظيم وتوثيق المعاملات العقارية والضريبية، حيث تخلت الوزارة عن مبدأ "القيمة الرائجة" واستبدلته بالسعر التعاقدي، كما أُعفي المؤجرون من ضريبة الإيجارات السكنية، وأُلغيت الرسوم العقارية المتفرقة ودمجت في ضريبة موحدة.
كما كشفت الوزارة عن نيتها إنشاء قاعدة بيانات رقمية للمعاملات العقارية لتسهيل التتبع وتعزيز الشفافية.
من جهته، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور عبد القادر الحصرية، أن القرار يهدف إلى تيسير الإجراءات العقارية، لكنه نبّه إلى أهمية الاستمرار في استخدام الإيداع المصرفي كأداة توثيق طوعية لحماية الحقوق ومنع النزاعات.
تحفظ الخبراء الاقتصاديين
في حديث سابق لمنصة سوريا 24، رأى خبراء اقتصاديون أن التعديلات الأخيرة، وعلى رأسها إلغاء شرط الإيداع، تمثل نقلة إجرائية مهمة، لكنها قد تكون محفوفة بالمخاطر إذا لم تُرفق بأدوات رقابية بديلة.
الدكتورة لمياء عاصي، الخبيرة الاقتصادية، حذرت من أن غياب منظومة تحقق مستقلة قد يؤدي إلى تراجع الإيرادات العقارية وفتح الباب أمام التهرب الضريبي.
أما الخبير عبد المنعم المصري، فقد شدد على ضرورة وجود معايير واضحة تُراعي الفوارق بين المناطق وتحدد حدودًا معفاة من الضريبة لحماية الشرائح الأضعف.
بينما حذر يونس الكريم من أن التخلي عن شرط الإيداع البنكي يُعد تفكيكًا لأداة سيادية كانت تتيح للبنك المركزي مراقبة حركة السيولة، محذرًا من أن غياب هذه الرقابة قد يفتح ثغرات لغسيل الأموال.
ويرى الخبراء أن ما جرى يمثل إصلاحًا شكليًا ما لم يُرفق بإصلاح تشريعي وإداري أعمق.
في المقابل، رصدت منصة سوريا 24 ترحيبًا شعبيًا واسعًا بالقرار في دمشق، حيث اعتبره المواطنون خطوة طال انتظارها لتخفيف عبء المعاملات العقارية.
بين ترحيب المستثمرين والمواطنين، وتحذيرات الخبراء، يقف قرار إلغاء شرط الإيداع العقاري في نقطة تقاطع حساسة بين التيسير الإداري والتنازل عن أدوات الرقابة.