الإثنين, 28 أبريل 2025 04:27 AM

الأردن يحظر جماعة الإخوان المسلمين: ضغوط إقليمية أم تحول سياسي داخلي؟

الأردن يحظر جماعة الإخوان المسلمين: ضغوط إقليمية أم تحول سياسي داخلي؟

هاشتاغ – ترجمة: حسام محمد

أشار موقع “ميدل إيست آي ” إلى أن قرار الأردن بحظر أنشطة “جماعة الإخوان المسلمين” رسميا، وهي الجماعة المعارضة الأكثر صخبا في البلاد، جاء نتيجة ضغوط منسقة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، اتهمت الأردن “جماعة الإخوان المسلمين” بالتخطيط لتنفيذ هجمات في المملكة، وهو إعلان جاء بعد أسبوع من إعلان الأجهزة الأمنية اعتقالها 16 شخصا بحوزتهم أسلحة ومتفجرات.

وفي الأسابيع التي سبقت إعلان “يوم الأربعاء”، اجتاحت موجة من التحريض ضد “جماعة الإخوان المسلمين”، المملكة الهاشمية، مدفوعة في المقام الأول بوسائل الإعلام الموالية للحكومة وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بأجهزة الأمن القوية في البلاد. وبحسب الـ “ميدل إيست أي”، عندما أعلنت السلطات الأردنية عن اعتقال الخلية، رأى المراقبون والمحللون أن نبرة وتوقيت الإعلان يمثلان تتويجا لحملة سياسية مكثفة ضد الجماعة.

وبعد أسبوع واحد فقط، وقبل إحالة أي من المعتقلين إلى القضاء، أعلنت وزارة الداخلية حظرا شاما على “جماعة الإخوان المسلمين”، متهمةً إياها بتصنيع وتخزين الأسلحة والتخطيط لزعزعة استقرار المملكة. وأضافت أنها بدأت تحقيقا في المؤسسات التابعة للجماعة. وفي الوقت نفسه، داهمت قوات الأمن مقر “حزب جبهة العمل الإسلامي”، الذراع السياسي لجماعة الإخوان. ورأى العديد من المراقبين في ذلك تمهيدا لإلغاء ترخيص “حزب جبهة العمل الإسلامي” تماما.

ويُعد “حزب جبهة العمل الإسلامي” أكبر حزب معارض في الأردن، حيث يضم 31 عضوا في البرلمان. من جهتها، “جماعة الإخوان” نفت أي صلة لها بالخلية والمؤامرة المزعومة، لكن يبدو أن ردها قد عمّق أزمتها. بدلا من التعبير عن التضامن مع المعتقلين – الذين رفضوا أيضا الاتهامات وزعموا أن أفعالهم كانت تهدف فقط إلى دعم غزة – نأت الجماعة بنفسها عنهم تماما. أدى هذا الموقف إلى نفور الرأي العام وإضعاف قدرة الإخوان على التصدي لحملة الحكومة لتفكيك إحدى أكثر قواها السياسية نفوذا.

في 23 نيسان/أبريل، وبينما أكد وزير الداخلية مازن الفراية علنا حظر الإخوان وحذر وسائل الإعلام من نشر بياناتهم أو إجراء مقابلات مع أعضائهم، غادر الملك عبد الله في زيارة غير معلنة إلى المملكة العربية السعودية للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ووفقا لـ “ميدل إيست آي”، أثار التوقيت التكهنات بأن الرياض هي التي تقود حملة القمع وأن الحملة قد تمتد قريبا إلى “جبهة العمل الإسلامي” وتحظرها في النهاية أيضا.

وبذلك، يبدو وكأن الدولة الأردنية تدشن عهدا جديدا في علاقتها مع “جماعة الإخوان المسلمين”.

قبل زيارة ترامب

وتابع الموقع: لطالما قادت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة جهودا لتقويض “جماعة الإخوان المسلمين” في المنطقة. وأشار أن الدولتان ساندتا إطاحة الجيش المصري بالحكومة التي يقودها الإخوان عام 2013، واستمرتا في دعم حملة القمع التي تلت ذلك، والتي أسفرت عن سجن آلاف من أعضاء الإخوان.

إلى ذلك، يعتقد بعض المحللين أن حملة الأردن تُنفذ تحت ضغط منسق من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. ويأتي هذا التصعيد في أعقاب أكثر من 18 شهرا من الاحتجاجات شبه اليومية في الأردن دعما لحماس وإدانةً لحرب إسرائيل على غزة.

في السياق، أشار صحفي أردني، تحدث لموقع “ميدل إيست آي” شريطة عدم الكشف عن هويته، إلى أن توقيت الحظر قد يكون مرتبطا أيضا بالدبلوماسية الإقليمية. وقال: “تأتي هذه الحملة قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى المنطقة. قد تكون خطوة استباقية من الأردن لإقناع ترامب بإعادة المساعدات الأمريكية المعلقة”، مشيرا إلى أن السعودية والإمارات ليستا بعيدتين عما يحدث في الأردن، واجتماع الملك عبد الله مع الأمير محمد بن سلمان يؤكد ذلك.

وأضاف الصحفي: “ربما يسعى الأردن إلى استرضاء السعوديين أملا في الحصول على دعم مالي لتعويض خسارة المساعدات الأمريكية التي أوقفها ترامب”.

دعم النظام الملكي

يقول العديد من المراقبين في الأردن إن “جماعة الإخوان المسلمين” كانت ركيزة أساسية من ركائز الاستقرار في المملكة منذ تأسيس الدولة الأردنية عام ١٩٤٦. قد يُرضي إقصاء الجماعة من الحياة السياسية الدول المجاورة، ولكنه يُشكل أيضا تهديدا للاستقرار الداخلي، إذ كانت جزءا أساسيا من النظام السياسي في البلاد على مدى ثمانية عقود.

وتأسست “جماعة الإخوان المسلمين” في الأردن عام 1945، وحضر الملك عبد الله الأول حفل افتتاح أول مقر لها. وتم ترخيص الجماعة واستمرت في العمل بشكل قانوني. عندما أصدرت الحكومة الأردنية مرسوما بحل الأحزاب السياسية عام 1957، تم استثناء “جماعة الإخوان المسلمين”، وبقيت نشطة في المجالين السياسي والاجتماعي.

ومنذ ذلك الحين، دعمت “جماعة الإخوان المسلمين” النظام السياسي ووقفت إلى جانب الملك خلال العديد من الأزمات الخطيرة التي هددت بالإطاحة بالنظام الملكي. وفي عام 1957، انحازت الجماعة إلى جانب الملك حسين ضد محاولة انقلاب قامت بها حكومة سليمان النابلسي وحركة “الضباط الأحرار” بقيادة علي أبو نوار.

وفي عام 1970، وقعت أكبر مواجهة عسكرية بين الجيش الأردني وقوات “منظمة التحرير الفلسطينية”، والمعروفة باسم حرب أيلول/سبتمبر، وشكلت أحد أكبر التهديدات للنظام الملكي الأردني. وعلى الرغم من مشاركة كتيبة من “جماعة الإخوان المسلمين” إلى جانب قوات المقاومة الفلسطينية، إلا أنهم ألقوا سلاحهم ورفضوا الدخول في مواجهة مسلحة مع الجيش الأردني، وفقا للمحامي وعضو مجلس النواب صالح العرموطي، الذي أدلى بهذا التصريح خلال خطاب برلماني ألقاه مؤخرا.

كما وقف “الإخوان المسلمون” إلى جانب النظام الملكي خلال “انتفاضة أبريل” عام 1989 التي كادت أن تُسقطه. وفي عام 1996، دعم “الإخوان المسلمون” النظام الملكي خلال ما عُرف بـ”انتفاضة الخبز”، وهي مرحلة أخرى من الاضطرابات الخطيرة التي شهدتها المملكة.

ووفقا لـ “ميدل إيست آي”، يشهد الأردن تحولا سياسيا كبيرا. وقد بات من الواضح أن المؤسسة السياسية تتغير، وتنظر إلى “الإخوان المسلمين” على أنهم عبء، معتقدة أن القضاء عليهم قد يمهد الطريق لعلاقات أفضل مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

وبحسب الموقع، يأمل الأردن أيضا أن تقنع هذه الخطوة إدارة ترامب باستئناف المساعدات المالية للمملكة.

المصدر: “ميدل إيست آي”

مشاركة المقال: