الأربعاء, 3 سبتمبر 2025 02:33 AM

الإعلام السوري: بين مسؤولية نقل الحقيقة وتحديات التضليل وتشكيل الوعي المجتمعي

الإعلام السوري: بين مسؤولية نقل الحقيقة وتحديات التضليل وتشكيل الوعي المجتمعي

بقلم: هبة بدر الله. لم يعد الإعلام مجرد وسيلة لتبادل المعلومات، بل تحول إلى منظومة معقدة تقودها وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت مؤثرة بشكل كبير في تشكيل الرأي العام. يعرّف الباحث كارل هوفلاند الاتصال بأنه "العملية التي يرسل من خلالها الفرد مثيراً لفظياً بغرض تعديل سلوك الآخرين"، وهو تعريف يوضح قوة الكلمة والصورة.

تتجلى قوة الإعلام في قدرته على صناعة المواقف وتوجيه الجمهور، بالإضافة إلى نقل الأخبار. يلعب الإعلام دوراً حيوياً في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترفيهية. على سبيل المثال، ساهم الإعلام في تعزيز اللغة والثقافة، ولعب الإعلام الرقمي دوراً مهماً في تطوير التعليم الإلكتروني عن بعد.

في ظل التطورات السياسية والاجتماعية في سوريا، ظهرت العديد من المنصات الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعي تقديم أخبار صحيحة، ولكنها في الواقع مليئة بالأكاذيب. تستهدف هذه المنصات جماهير محددة وتعرف كيفية التأثير عليها لتحقيق أهداف معينة، مثل حشد التأييد أو التحريض وبث الفتن. وفقاً لتقرير وزارة الإعلام، فإن العديد من هذه المنصات تسعى إلى خدمة مصالح معينة بدلاً من كشف الحقيقة، بالإضافة إلى وجود آلاف الحسابات الوهمية.

هناك فجوة كبيرة بين الواقع السوري وما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم تضخيم الأحداث وتشويه الحقائق. الجمهور السوري، الذي يفترض أن يكون متلقياً ناقداً، أصبح ضحية للتلاعب الإعلامي. الإعلام التخريبي يحاول تسييسه وطمس وعيه، مما أدى إلى انتشار الروايات المضللة والزائفة.

على الرغم من حملات التضليل، يظل للإعلام الوطني دور حاسم في نقل الحقيقة والدفاع عن قضايا المجتمع من خلال تقديم معلومات دقيقة وتعزيز قيم الانتماء وفضح الأكاذيب. الإعلام الوطني، من خلال التزامه بالمصداقية، يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة محاولات زرع الفتنة ويساهم في تعزيز ثقافة الحوار والسلم الأهلي.

أصبح نشر التربية الإعلامية ضرورياً، خاصة بين الشباب وطلاب الجامعات والمدارس. إن امتلاك أدوات التفكير النقدي والقدرة على التحقق من مصادر الأخبار يساعد في حماية الأجيال الجديدة من التضليل. وهذا يحول المجتمع من متلق سلبي إلى فاعل قادر على حماية نفسه وصناعة وعيه.

الإعلام القادر على أداء دوره الإيجابي يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية وتجنب الوقوع في مصيدة الإشاعات، خاصة في أوقات الأزمات. في المقابل، الإعلام المضلل يؤدي إلى الانقسام وإضعاف المجتمع. لذلك، هناك حاجة ملحة لتعزيز الوعي الإعلامي لدى الجمهور السوري. العدالة والسلم الأهلي لا يتحققان إلا بإعلام مسؤول وجمهور واعٍ يرفض الكراهية والطائفية والانقسام، ويؤمن بأن قوة الكلمة تكمن في قدرتها على بناء الجسور لا هدمها.

مشاركة المقال: