الخميس, 1 مايو 2025 02:10 AM

الإنترنت في دمشق: معاناة مستمرة تعيق الحياة والعمل.. ما الأسباب والحلول؟

الإنترنت في دمشق: معاناة مستمرة تعيق الحياة والعمل.. ما الأسباب والحلول؟

تعاني العاصمة السورية دمشق من تدهور ملحوظ في جودة خدمة الإنترنت، مما يؤثر سلبًا على جوانب الحياة اليومية للسكان، خاصةً أولئك الذين يعتمدون على الشبكة في أعمالهم، مثل الصحفيين والموظفين والعاملين في القطاعات الرقمية.

على الرغم من أهمية الإنترنت المتزايدة، يواجه السوريون في دمشق صعوبات مستمرة بسبب بطء الشبكة وعدم استقرارها، بالتزامن مع ارتفاع التكاليف وضعف الخدمات مقارنة بالمعايير العالمية.

تجارب المستخدمين: البطء والاضطراب أبرز الملامح

أكدت رفيف السيد، إعلامية مقيمة في دمشق، لمنصة "سوريا 24" أن "الإنترنت ضعيف جدًا مقارنة بالمعايير المعتادة، سواء من حيث السرعة أو الاستقرار". وأضافت: "في بعض الأوقات يكون مقبولًا للاستخدام العادي، لكن عند الحاجة إلى تحميل ملفات كبيرة أو مشاهدة فيديوهات بجودة عالية أو حضور اجتماعات أونلاين، تبدأ المعاناة الحقيقية".

وأشارت إلى تفاوت ملحوظ حسب الوقت، مع تحسن نسبي في الليل بسبب قلة الضغط، بينما الشبكة المنزلية العامة غير مستقرة إطلاقًا، معتبرةً أن ضعف الإنترنت بات مشكلة حقيقية، خاصةً لمن تعتمد أعمالهم على التواصل أو العمل عن بُعد. وأكدت أن السرعة تتغير فجأة، والانقطاع قد يحدث بدون مبرر واضح، خاصةً في الضواحي والمناطق البعيدة عن مركز العاصمة.

تحديات خاصة تواجه الإعلاميين

تحدث إبراهيم زيدان، صحفي ومزود إنترنت سابق، عن صعوبات مضاعفة تواجه الإعلاميين، قائلًا: "الإنترنت ضعيف للغاية للصحفيين، وكثير من المواقع محظورة ونضطر إلى استخدام VPN لتجاوز الحظر. الاعتماد الأكبر على الإنترنت الأرضي عبر خطوط ADSL، بينما الإنترنت الفضائي ممنوع إلا بترخيص خاص، ما يجعل الوصول إلى خدمة مستقرة أمرًا شبه مستحيل".

وأوضح زيدان أن "النت المتوفر ليس سيئًا من حيث المصدر بحد ذاته، لكنه يعاني بسبب طريقة التوزيع غير الكفوءة، إضافة إلى العقوبات المفروضة على قطاع الإنترنت السوري"، مشيرًا إلى أن الصحفيين يواجهون صعوبة خاصة مع حظر العديد من المواقع التي يعتمدون عليها في عملهم.

أما أحمد زيدان، فقد وصف تجربته مع الإنترنت بأنها "مليئة بالتحديات"، موضحًا أن "الإنترنت هنا باهظ الثمن مقارنة بجودته. في كثير من المناطق ضعيف للغاية ولا يمكن الاعتماد عليه لإنجاز الأعمال أو حتى للتواصل الطبيعي". وأضاف: "غالبًا ما يشبه الاتصال بالإنترنت في دمشق استخدام بيانات محمولة ضعيفة بدلًا من وجود شبكة واي فاي مستقرة، مما يعقّد حياة من يعتمدون على الإنترنت بشكل يومي، خصوصًا الإعلاميين".

وأوضحت يولا أن "خدمة الإنترنت مقبولة فقط في بعض المناطق التي تتوفر فيها بوابات اتصال منظمة"، لكنها نوهت إلى أن "رفع ملفات كبيرة أو إجراء مكالمات عمل بالفيديو يبقى تحديًا حقيقيًا"، مشيرة إلى أن "البنية التحتية غير كافية لتلبية احتياجات العمل الاحترافي، وأن تكلفة الاشتراكات المعقولة لا تزال مرتفعة نسبيًا بالنسبة إلى كثيرين".

وأكد علي العيسى أن "المعاناة مع الإنترنت مستمرة منذ سنوات"، قائلًا: "نعتمد إما على باقات الجوال المكلفة أو على الشبكة الأرضية الضعيفة جدًا. أحيانًا في بعض المناطق لا تغطي الشبكة إطلاقًا، وتصبح الحاجة إلى تعبئة الرصيد بشكل متكرر عبئًا ماديًا إضافيًا، وسط بطء شديد وانقطاعات متكررة".

وختم العيسى حديثه بالإشارة إلى أن "الإنترنت في دمشق يمثل تحديًا يوميًا، ويضع عوائق أمام من يسعون إلى إنجاز أعمالهم أو الإبداع فيها"، مضيفًا: "السرعات المحدودة والانقطاعات المفاجئة أصبحت جزءًا من الروتين اليومي لسكان المدينة".

رد رسمي وتبريرات فنية

أوضح فهد الزين، مدير اتصالات دمشق، أن جودة خدمة الإنترنت في المدينة تختلف من منطقة إلى أخرى نتيجة عدة عوامل، أبرزها تسربات مياه الصرف الصحي ومياه الشرب إلى غرف التفتيش، ما يتسبب بأضرار للكوابل النحاسية، إضافة إلى التداخل بين الشبكات الكهربائية والهاتفية، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمة.

وأضاف أن التعديات والسرقات التي تتعرض لها الشبكات الهاتفية، بالإضافة إلى الأعمال التخريبية التي تطال الكوابل النحاسية الضوئية، لعبت دورًا في ضعف الخدمة، مشيرًا إلى أن استخدام كوابل نحاسية طويلة تتجاوز 7 كيلومترات في بعض المناطق، وهو أمر غير مجدٍ فنيًا لنقل الإنترنت بشكل جيد.

وأكد الزين أن فرع اتصالات دمشق يقوم بأعمال صيانة دورية وطارئة بالتنسيق مع الإدارة الفنية في الشركة السورية للاتصالات، حسب الإمكانيات المتاحة. كما يجري العمل على التوسع في نشر خدمة الفايبر، التي تُعد أفضل من حيث الجودة والاستقرار مقارنة بالشبكة النحاسية.

وأضاف أن هناك دراسة أُعدت لتخديم بعض المناطق عبر خدمة wifi outdoor، خاصة في الأماكن غير المشمولة بشبكات رئيسية أو فرعية، وتم رفع الدراسة إلى الإدارة التجارية بالتنسيق مع هيئة تنظيم الاتصالات. كما يتم حاليًا إعداد دراسة فنية لتوسيع الشبكات الضوئية في المدينة، وهي قيد الانتظار ضمن الخطة الاستثمارية للفرع لعام 2025، بهدف تحسين الخدمة وتلبية الطلب المتزايد.

في وقت تتسارع فيه عجلة العالم الرقمي، يبقى الإنترنت في دمشق عائقًا أمام طموحات العاملين والطلاب والأهالي، مما يسلط الضوء على حاجة ماسة لتحسين البنية التحتية الرقمية وتوفير خدمة تليق بتطلعات السكان الذين يجدون أنفسهم معزولين عن العالم في زمن يعتمد فيه كل شيء على الاتصال بالشبكة.

مشاركة المقال: