الأحد, 1 يونيو 2025 09:44 AM

الإنترنت في سوريا: أسعار باهظة وبنية تحتية متهالكة تعيق التطور الرقمي

الإنترنت في سوريا: أسعار باهظة وبنية تحتية متهالكة تعيق التطور الرقمي

في حلب وريفها، لا تزال وعود تحسين الإنترنت مجرد كلام. رغم الوعود الحكومية المتكررة بتطوير القطاع بعد الأزمة، يواجه المواطنون خدمات غير مستقرة، وأسعارًا مرتفعة، وبنية تحتية متداعية. في عصرنا الحالي، الإنترنت هو شريان الحياة للتعليم والعمل والتواصل، لكن السوريين يجدون أنفسهم محاصرين بين طموحاتهم وإمكانياتهم المحدودة.

الأسعار: عبء على الأسر

في معظم المناطق السورية، تحاول شركات محلية تقديم بدائل للإنترنت التقليدي. خدمة بسرعة 2 ميغابايت تكلف 65 ألف ليرة سورية شهريًا، مع استقرار نسبي في الاتصال. لكن تكلفة الاشتراك الأولي، التي تصل إلى 500 ألف ليرة أو أكثر لتغطية أجهزة الالتقاط والراوتر، تشكل عائقًا كبيرًا أمام العائلات بسبب تدني متوسط الدخل.

في بعض المناطق، تُحسب الأسعار بالدولار: 7 دولارات لسرعة 1 ميغابايت، 9 دولارات لـ 2 ميغابايت، و35 دولارًا لـ 6 ميغابايت شهريًا. تزيد التكاليف مع أجور التركيب التي تتراوح بين 50 و100 دولار لأجهزة الالتقاط، بالإضافة إلى تكلفة الراوتر التي تبدأ من 16 دولارًا وتصل إلى 30 دولارًا، حسب جودة الأجهزة والمسافة إلى مركز الشركة.

تحديات تقنية: بنية متداعية وأعطال متكررة

المشكلة لا تقتصر على الأسعار. الأعطال المتكررة، الناتجة عن ضعف الكهرباء وسوء التمديدات، تزيد من معاناة المشتركين. يقول "سالم"، وهو عامل صيانة في حلب، إن ارتفاع تكاليف الأجهزة المستوردة وصعوبة صيانتها يشكلان عبئًا كبيرًا على الشركات. "نضطر لاستيراد المعدات لأنها غير متوفرة محليًا، وتحسين الخدمة يتطلب جهودًا مضنية في ظل غياب بنية تحتية متينة"، يضيف سالم، موضحًا أن الأعطال البسيطة قد تؤدي إلى فقدان ثقة العملاء إذا تأخر الإصلاح.

منافسة محدودة وعروض مغرية

مع دخول شركات جديدة إلى السوق، بدأت بعضها بتقديم عروض تنافسية لجذب العملاء، مثل التركيب المجاني شرط وجود عدد من المشتركين في حي واحد، أو اشتراك مجاني لمرة واحدة. لكن هذه العروض محدودة بسبب ضيق التغطية، إذ تقتصر الخدمة على أحياء محددة في المدن والبلدات دون خطط توسع واضحة، نتيجة ضعف الإمكانيات المالية والتقنية.

مقارنة مع شركات الاتصالات

رغم هذه التحديات، تظل الشبكات المحلية خيارًا أرخص من باقات شركات الاتصالات الخلوية مثل "سيريتل" و"MTN"، التي تقدم سرعات أعلى عبر شبكات 4G وتستعد لإطلاق 5G. لكن هذه الشركات تعاني من ضغط كبير على الشبكة، خاصة في المناطق الريفية حيث تقل الأبراج، مما يؤدي إلى انقطاعات متكررة وتدهور في جودة الخدمة.

خاتمة: طريق طويل نحو التحديث

في النهاية، يعكس الإنترنت في معظم المدن السورية وأريافها التحديات الأوسع التي تواجه سوريا. بين وعود الحكومة وتطلعات المواطنين، تبرز حقيقة واضحة: بنية تحتية متآكلة، تكاليف مرتفعة، وشركات محلية تكافح لتقديم حلول في ظل ظروف اقتصادية وتقنية قاسية. إنها قصة أمل معلق، تنتظر استثمارات حقيقية وبنية تحتية قادرة على مواكبة العصر.

مشاركة المقال: