الإثنين, 25 أغسطس 2025 01:45 AM

الاستثمارات الأجنبية في سوريا: هل تحمي القوانين حقوق العمال من الاستغلال؟

الاستثمارات الأجنبية في سوريا: هل تحمي القوانين حقوق العمال من الاستغلال؟

مع تزايد الحديث عن الاستثمارات الأجنبية القادمة إلى سوريا وإنعاش الاقتصاد بعد سنوات الحرب والدمار، يرى الخبير الاقتصادي "خالد البيطار" أن المرحلة المقبلة ستكون معقدة وحساسة. فهي لا تقتصر على الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية فحسب، بل تتعداها إلى إعادة هيكلة الاقتصاد السوري والتحول من اقتصاد موجه إلى اقتصاد سوق مفتوح وتنافسي، كما أعلنت الحكومة في مناسبات عديدة.

في مقال نشره "البيطار" على موقع للثقافة والترجمة والنشر، حذر من أن الشعارات التي تُرفع في البداية، مثل توفير فرص العمل ومكافحة البطالة، قد تتحول إلى كارثة إذا لم تصاحبها سياسات صارمة لمنع الاحتكار وسياسات حماية اجتماعية واضحة تحمي الفئات الضعيفة من الاستغلال وظروف العمل القاسية، خاصة مع الغياب شبه التام للضمانات الاجتماعية والصحية منذ عقود.

ويشير إلى أن الصياغة الجديدة يجب أن تتضمن قضايا أساسية، من أبرزها تحديد حد أدنى للأجور بالساعة، وضبط عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية، وضمان الإجازات السنوية والمرضية المدفوعة، والحق في الإضراب والاتفاقات الجماعية، وشروط السلامة المهنية. بالإضافة إلى الحماية من الفصل التعسفي بعد فترة التجربة، وحماية الفئات الهشة مثل النساء الحوامل وذوي الإعاقة، وإلزامية العقود المكتوبة ودفع الرواتب بآلية واضحة، وأخيراً، قوانين تأمينات اجتماعية تشمل البطالة والصحة والتقاعد وإصابات العمل.

ويستشهد "البيطار" بتجربة ألمانيا، حيث يتم تنظيم علاقة العمل عبر أكثر من 15 قانوناً منفصلاً، يختص كل منها بجانب محدد، مما يمنح المشرع مرونة أكبر ويجعل الحقوق والواجبات أكثر وضوحاً وقابلية للتطبيق.

كما يؤكد أن انفتاح الاقتصاد وتدفق الاستثمارات سيضع العمال في مواجهة قوة رأس المال والشركات الكبرى، وهو ما يتطلب نقابات حرة ومستقلة قادرة على الضغط والدفاع عن حقوقهم. ويرى أن استقلالية هذه النقابات تستلزم حرية التشكيل والانتخاب والإدارة بعيداً عن التدخل الحكومي والحزبي، وضمان حق الإضراب وتنظيمه بقوانين واضحة، والقدرة على التفاوض الجماعي مع الشركات وأصحاب العمل، وتوفير الدعم القانوني والاستشارات للعمال، إضافة إلى تمويل مستدام عبر اشتراكات الأعضاء أو أنشطة مشروعة لضمان الاستقلالية.

ويضيف أن منظمات المجتمع المدني لها دور حيوي في مراقبة الانتهاكات وتوثيقها، ونشر الوعي بالحقوق العمالية، وتقديم الدعم للعاطلين عن العمل أو غير المنظمين في نقابات، بالإضافة إلى ممارسة الضغط الإعلامي والسياسي لتحسين بيئة العمل، وتسهيل التواصل مع الجهات الحكومية.

ويخلص البيطار إلى أن تمكين هذه المنظمات بقوانين تضمن استقلاليتها وحرية عملها هو شرط أساسي لتحويل جهودها من نشاط رمزي إلى تأثير حقيقي في حماية العمال وصون حقوقهم في سوريا الجديدة.

مشاركة المقال: