الأربعاء, 10 سبتمبر 2025 05:53 PM

التعليم الرقمي: هل منصات التواصل الاجتماعي تُعزز مهاراتنا أم تُقدم وهماً؟

التعليم الرقمي: هل منصات التواصل الاجتماعي تُعزز مهاراتنا أم تُقدم وهماً؟

تعرض العديد من المنصات والصفحات برامج تعليمية وتثقيفية متنوعة عبر الإنترنت، وتنتشر بسرعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتشمل هذه البرامج تعلم اللغات، والتعليم المهني، وتطوير المهارات الذاتية، مما جعلها وجهة مهمة للباحثين عن المعرفة. ولكن، يثار تساؤل حول مدى تأثير هذه البرامج على التطور الشخصي، وهل هي تساعد حقاً في صقل المهارات، أم أنها مجرد وهم؟ وكيف اختلف الوضع اليوم عما كان عليه قبل انتشار الإنترنت؟

ثورة رقمية.. أم بريق زائف؟

توضح أم رافي من خلال تجربتها أنها تتابع مع طفلها البالغ من العمر عشر سنوات منصات لتعلم اللغة الإنكليزية بطريقة ممتعة وسهلة، وقد لاحظت تحسناً ملحوظاً في لغة طفلها.

المراد: فقد يكون بعضها سطحياً أو غير دقيق أو يفتقر إلى المنهجية العلمية السليمة

تقدم وسائل التواصل الاجتماعي وعوداً بتطوير المهارات من خلال تطبيقات متنوعة، مثل برامج تعلم اللغات التي تستخدم تمارين تفاعلية وألعاب مسلية، وتقدم محتوى شاملاً للقواعد والمفردات والمحادثات اليومية، مما يثير تساؤلات حول فعاليتها في بناء مهارات مستدامة.

بين الفرص والتحديات

ترى الخبيرة التربوية سليمة المراد في حديث مع صحيفة «الحرية» أن انتشار البرامج التعليمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فهي توفر فرصاً كبيرة للتعلم الذاتي والوصول إلى مصادر معرفية متنوعة بتكلفة أقل، وتشجع على التعلم التفاعلي والممتع، مما يجعل المعرفة متاحة للجميع، وهذا يعتبر ثورة حقيقية.

المراد: لا بد من التنويع في المصادر وعدم الاعتماد على مصدرٍ واحدٍ فقط

ولكن، تحذر المراد من تحديات مثل جودة المحتوى، حيث أن بعض البرامج التعليمية قد تكون سطحية أو غير دقيقة أو تفتقر إلى المنهجية العلمية السليمة، وقد تؤدي إلى فقدان التركيز بسبب التحديثات المستمرة والمحتوى القصير على شبكات التواصل، إضافة إلى غياب التفاعل المباشر مع المعلم أو الزملاء، والذي يعتبر عنصراً هاماً في عملية التعلم، وقد يعتمد البعض بشكل مفرط على هذه البرامج، مما يضعف قدرتهم على البحث الذاتي والتعلم من مصادر متنوعة.

ماذا عن الماضي؟

أوضحت المراد أنه قبل انتشار الإنترنت، كان التعلم يعتمد بشكل أكبر على المصادر التقليدية مثل الكتب والمحاضرات والدورات التدريبية المباشرة، وكان هذا النوع من التعلم يتطلب جهداً أكبر في الوصول إلى المعلومة، ولكنه غالباً ما كان يقدم منهجية أكثر تنظيماً وعمقاً، وكان التفاعل المباشر مع المعلم والزملاء يعزز الفهم ويشجع على النقاش وتبادل الخبرات.

تعظيم الفائدة

أشارت المراد إلى أنه لتحقيق أقصى استفادة من البرامج التعليمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يجب التحقق من مصداقية المصدر وخبرة مقدم المحتوى وتقييمات المستخدمين الآخرين، والتنويع في المصادر وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمكمل للمصادر التقليدية وليس كبديل كامل، ووضع أهداف واضحة وتحديد خطة زمنية لتحقيقها.

عبودي: تُعد أداةً مساعدةً قيّمةً للطالب في رحلته لصقل مهاراته، وهي نافذةٌ فريدةٌ يطل منها الخبير على العالم

ولفتت المراد إلى أهمية التطبيق العملي وعدم الاكتفاء بالمشاهدة والاستماع فقط، والمشاركة في النقاشات الهادفة وطرح الأسئلة والتفاعل مع المحتوى بشكل بناء، وإدارة الوقت بتخصيص وقت محدد للتعلم عبر الإنترنت وتجنب التشتت مع الحفاظ على التركيز.

عبودي: المنصات التعليمية الرقمية تُقدم فرصاً هائلةً لتوسيع الآفاق وتنمية الذات

في السياق ذاته، يقدم مروان عبودي رؤيته مؤكداً أن هذه البرامج التعليمية الرقمية أداة مساعدة قيمة للطالب في رحلته لصقل مهاراته، ويرى أنها نافذة يطل منها الخبير على العالم، ومع ذلك، يحذر عبودي من الانجراف وراء البريق السطحي، مشيراً إلى أن الفائدة الحقيقية تكمن في الاستخدام الواعي والمنهجي لهذه الأدوات، والقدرة على التمييز بين المحتوى الهادف والمحتوى الذي يقدم مجرد وهم رقمي، فالتفاعل النشط والتطبيق العملي والبحث عن مصادر موثوقة هي مفاتيح تحويل هذه البرامج إلى تجربة تعليمية مثمرة.

كبسة زر

أوضح عبودي أن الإنترنت غير مفهوم التعلم وتطوير الذات، ففي الماضي، كان الوصول إلى المعرفة والخبراء يتطلب جهداً أكبر، وحضوراً جسدياً، وموارد قد لا تكون متاحة للجميع، أما اليوم، فقد أصبحت المعرفة في متناول اليد «بكبسة زر»، وأن هذا الانفتاح الرقمي يتيح فرصاً للأفراد لاكتشاف اهتماماتهم وتنمية مهاراتهم والتواصل مع خبراء من مختلف أنحاء العالم.

وحذر عبودي من أن هذه المنصات التعليمية الرقمية تقدم فرصاً لتوسيع الآفاق وتنمية الذات، لكنها تتطلب من المتعلم أن يكون أكثر استباقية ومسؤولية، فبدلاً من الاكتفاء بالمشاهدة السلبية، يجب على الأفراد أن يسعوا للتفاعل مع المحتوى بطرح الأسئلة وتطبيق ما يتعلمونه عملياً.

نحو تعلم رقمي واع

ختم عبودي بأن البرامج التعليمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية يمكن أن تثري حياتنا المعرفية، ولكن يتطلب الأمر استخدامها بوعي وذكاء، مع إدراك لفوائدها وتحدياتها، والاستفادة من خبرات الخبراء لتعظيم أثرها الإيجابي على تطوير مهاراتنا الذاتية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: