طرطوس-سانا: يعتبر الزيتون في طرطوس جزءاً لا يتجزأ من هوية المنطقة، فهو ليس مجرد محصول زراعي، بل يمثل جزءاً من ذاكرة السكان وتقاليدهم الاجتماعية، ومصدر رزق أساسي لآلاف العائلات التي تتطلع إلى موسم الحصاد كما تتطلع إلى العيد. تتحول الحقول خلال موسم القطاف إلى احتفالية شعبية مصغرة، حيث يجتمع الأقارب والجيران لتقاسم العمل وتبادل القصص، بين من يجمع الثمار ومن ينقلها إلى الأسواق أو معاصر الزيتون.
الجفاف وتأثيره على الإنتاج
إلا أن هذا الموسم يفتقر إلى البهجة المعهودة، فالجفاف الذي أثر على المنطقة أدى إلى انخفاض ملحوظ في الإنتاج. على الرغم من أن طرطوس تضم أكثر من 11 مليون شجرة زيتون، منها 10 ملايين شجرة مثمرة، إلا أن الإنتاج المتوقع لهذا الموسم يبلغ حوالي 25500 طن فقط، مما يثير قلق المزارعين ويهدد مصدر دخلهم الرئيسي في المحافظة.
المهندس حسن حماده، المدير الفني لزراعة طرطوس، أوضح في تصريح لوكالة سانا أن سبب انخفاض إنتاجية المحصول يعود إلى عدم كفاية عدد ساعات البرودة اللازمة لنمو الثمار، والتي يجب أن تتراوح بين 450 و600 ساعة تحت 7 درجات مئوية. وأضاف أن شجرة الزيتون معروفة أيضاً بظاهرة المعاومة، حيث لا تنتج الثمار بانتظام كل عام.
تنوع أصناف الزيتون وأبرزها الدعيبلي
وأشار حماده إلى أن الظروف المناخية المتميزة في المحافظة ساهمت في توسع زراعة الزيتون، لتصبح طرطوس في المرتبة الرابعة على مستوى البلاد من حيث المساحات المزروعة بالزيتون، والتي تبلغ حوالي 75 ألف هكتار. وأوضح أن صنف "الدعيبلي" يمثل 65% من إجمالي الأصناف المزروعة، بالإضافة إلى أصناف أخرى مثل الخضراوي، الصفيري، المنيقيري، والخشابي أبو شوكة، والتي تستخدم لإنتاج الزيت والاستهلاك المباشر.
أصناف جديدة مقاومة للأمراض
وأكد حماده أن مديرية الزراعة اعتمدت منذ عام 2015 صنفين جديدين مقاومين لمرض "تبقع عين الطاووس"، وهما السكري والعيروني، وقامت بنشرهما وتطعيم الأشجار بهما في مختلف المناطق. وأشار إلى أن المديرية تنتج الغراس في بيت زجاجي خاص بها وتبيعها للمزارعين بأسعار مدعومة، وذلك بهدف دعم التوسع الزراعي وضمان استدامة الإنتاج.
زيت عضوي ومعاصر حديثة تدعم القطاع
وأكد حماده أن زيت الزيتون المنتج في طرطوس يعتبر زيتًا عضويًا خاليًا من أي آثار للمبيدات، وذلك بفضل اعتماد مديرية الزراعة أسلوب المكافحة المتكاملة للآفات. ففي فصل الربيع، تبدأ حملة لمكافحة مرض "تبقع عين الطاووس"، حيث يتم توزيع المرشات والمحروقات على المزارعين مجانًا، بالإضافة إلى المواد الجاذبة لمكافحة ذبابة ثمار الزيتون، وذلك عبر الوحدات الإرشادية.
وأشار حماده إلى أن محافظة طرطوس تضم 244 معصرة زيتون، منها 95 تعمل بنظام المكبس و149 تعتمد على الطرد المركزي، مما يعكس تطور البنية التحتية لهذا القطاع الحيوي.