شهدت زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البرازيل نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، وذلك للمشاركة في أعمال قمة (COP30) المنعقدة في مدينة بيليم، بحضور قادة وزعماء من مختلف أنحاء العالم. ما هي دلالات هذه الاجتماعات وما النتائج المتوقعة؟
تُعتبر مشاركة الرئيس الشرع في هذه القمة، التي تجري فعالياتها بين السادس والحادي والعشرين من تشرين الثاني الجاري، الأولى من نوعها لرئيس سوري في مؤتمر المناخ منذ تأسيسه عام 1995، مما أعطاها بعداً سياسياً ودبلوماسياً يتجاوز الإطار البيئي المعهود للمؤتمر.
أجرى الرئيس الشرع خلال الأيام الأولى من المؤتمر سلسلة لقاءات ثنائية رفيعة المستوى مع عدد من القادة والمسؤولين الدوليين، حيث التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وشملت اللقاءات أيضاً رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، بالإضافة إلى رئيس فنلندا ألكسندر ستوب، والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية مرافقة للوفد السوري، تناولت اللقاءات سبل مواجهة التغير المناخي والتعاون في مجالات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة، إلى جانب مناقشة قضايا سياسية وإنسانية تتعلق بالوضع في سورية وملفات التعاون الدولي.
تُعد مشاركة الرئيس الشرع في قمة COP30 مؤشراً واضحاً على رغبة دمشق في استعادة حضورها الدبلوماسي في المحافل العالمية، خاصة بعد سنوات من الغياب عن المنصات الدولية الكبرى. وتشير التحركات المكثفة للرئيس الشرع، بحسب مصادر إعلامية متابعة، إلى انفتاح نحو الحوار مع المجتمع الدولي، سواء في القضايا البيئية أو الملفات السياسية التي تمس مستقبل سورية والمنطقة.
في بادرة لاقت استحساناً واسعاً، التقى الرئيس الشرع وفداً من أبناء الجالية السورية في جمهورية البرازيل الاتحادية، كما لبّى دعوة عدد من الأسر السورية للجلوس معهم في أحد المقاهي الشعبية في مدينة بيليم، في لقاء ساده جو من الود والعفوية.
وخلال اللقاء، عبّر أفراد الجالية عن اعتزازهم بانتمائهم الوطني وارتباطهم بوطنهم الأم سوريا رغم سنوات الاغتراب، مؤكدين استعدادهم للمساهمة في عملية إعادة الإعمار والتنمية. وشدد الرئيس الشرع، الذي طالما أكد على أهمية دور المغتربين، على أهمية دور السوريين في الخارج كجسر تواصل بين الوطن والعالم، مؤكداً أن الدولة تولي اهتماماً كبيراً بأبنائها المغتربين وبمساهماتهم في دعم الاقتصاد الوطني.
يتوقع مراقبون أن تفتح هذه اللقاءات الباب أمام مرحلة جديدة من التواصل السوري – الأوروبي، خاصة في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المشتركة. كما يُرجح أن تسفر المشاركة السورية في المؤتمر عن انخراط أكبر في مشاريع المناخ والطاقة المتجددة المدعومة من الأمم المتحدة، مما قد ينعكس إيجاباً على جهود إعادة الإعمار المستدامة داخل البلاد.
يُنظر إلى زيارة الرئيس الشرع بوصفها رسالة سياسية وإنسانية مزدوجة، فهي رسالة إلى الخارج مفادها أن سورية حاضرة وشريك فاعل في القضايا العالمية، ورسالة إلى الداخل والمغتربين تعبر عن انفتاح القيادة السورية على أبنائها أينما كانوا، وترسخ فكرة "الدبلوماسية الإنسانية" التي تجمع بين السياسة والانتماء.