من إدلب، خاطب الرئيس أحمد الشرع الشعب السوري، متحدثاً عن زيارته التاريخية إلى الولايات المتحدة لحضور الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأكد أن هذه الزيارة رسخت مكانة سوريا المستحقة في المجتمع الدولي بعد عقود من العزلة التي فرضها النظام البائد.
وشدد الرئيس الشرع على أن هذا الإنجاز الدبلوماسي الكبير هو ثمرة كفاح الشعب الذي حرر أرضه بسواعد أبنائه، مؤكداً أن القيادة تسعى للوقوف مباشرة بين أبناء الشعب، جاعلة من الداخل السوري محوراً لأي مشروع وطني. وأشار إلى أن حملة "الوفاء لإدلب" جمعت تبرعات تزيد على 208 ملايين دولار أمريكي.
وفور وصوله من الولايات المتحدة، ألقى الرئيس الشرع خطابه مباشرةً للشعب السوري، مؤكداً أن إدلب تستحق أن تكون منطلق الوفاء، وأن الحضور الدولي لسوريا تحقق بفضل صمود السوريين وتضحياتهم، وأن الحل السياسي الذي يقرّ به العالم اليوم، جاء نتيجة التضحيات.
وأوضح أن هذا الاعتراف يفتح أبواب مسار دبلوماسي مكثف يهدف إلى رفع العقوبات وإعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي، استكمالاً للجهود الدبلوماسية المستمرة منذ مطلع العام الجاري، والتي توجت باللقاء الأول بين الرئيس الشرع ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، وتكرر اللقاء في نيويورك بحضور السيدة ميلانيا ترامب.
وأكد الرئيس الشرع أن إدلب ليست مجرد "سوريا الصغرى" عاطفياً، بل هي رمز لوحدة سوريا، وهو ما حمله خطابه في الجمعية العامة. وأشار إلى أن زيارته إلى الولايات المتحدة كانت لحظة تاريخية، وهي الأولى لرئيس سوري منذ عام 1967، حيث ينظر العالم إلى دمشق كجزء من الحل، لا جزءاً من الأزمة.
وأجرى الرئيس الشرع 22 لقاءً واجتماعاً ثنائياً ومتعدد الأطراف في نيويورك، شملت لقاءات مع الرئيس ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو والسيناتور جين شاهين والنائب غريغوري ميكس، وقادة دول عربية وأوروبية ورؤساء منظمات دولية. كما حاوره الجنرال ديفيد بتريوس، والباحث تشارلز ليستر.
لقاء ثان مع الرئيس ترامب
كان لقاء الرئيس أحمد الشرع بنظيره الأمريكي دونالد ترامب خلال حفل الاستقبال الرسمي في الأمم المتحدة من أبرز محطات الجولة. وقد أعلن الرئيس ترامب من الرياض رفع العقوبات عن سوريا ومنحها "فرصة للتنفس". وفي نيويورك، بحث الرئيسان رفع العقوبات والعلاقات بين دمشق وواشنطن.
كلمة تاريخية من منبر الشرعية الدولية.. النصر من الشعب وثمرته له
لاقى خطاب الرئيس أحمد الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة احتفاءً عربياً وعالمياً، حيث استهل خطابه بـ"الحكاية السورية" كصراع بين الحق والباطل، وأبرز قدرة السوريين على تحويل مأساتهم إلى فرصة للنهوض والبناء، مؤكداً أن الانتصار الحقيقي هو انتصار القيم الإنسانية.
وأبدى الرئيس الشرع الثقة الكاملة بالحكومة والشعب على إدارة مرحلة ما بعد الحرب، ودعا إلى رفع العقوبات بشكل كامل، لما سيتبعها من خطط اقتصادية تستند إلى إصلاح القوانين الاستثمارية وجذب الشركات العالمية. وأشاد بوعي الشعب السوري عندما أوقف محاولات إثارة النعرات الطائفية.
وأكد أن التهديدات الإسرائيلية ضد سوريا لم تهدأ، وأن السياسات الإسرائيلية تخالف الموقف الدولي الداعم لسوريا، مشيراً إلى أن سوريا تستخدم الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة وتتعهد بالتزامها باتفاق فض الاشتباك لعام 1974.
وشدد على ركائز السياسة الواضحة منذ سقوط النظام السابق، ومن بينها الدبلوماسية المتوازنة والاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية، والدعوة إلى حوار وطني جامع، والإعلان عن حكومة ذات كفاءات وتعزيز مبدأ التشارك وتأسيس هيئة وطنية للعدالة الانتقالية وأخرى للمفقودين، والمضي في انتخابات ممثلي الشعب في المجلس التشريعي، وحل جميع التشكيلات السابقة تحت مبدأ حصر السلاح بيد الدولة.
وأعلن الرئيس الشرع عن دعم سوريا لأهل غزة، ودعا لإيقاف الحرب فوراً، مؤكداً أن سوريا الجديدة تشدد على الموقف العربي والإقليمي، ولا تتنازل عن المواقف الثابتة المنحازة للعدالة.
واختتم بالإشارة إلى أن هذه الجولة رسمت معالم مرحلة جديدة: سوريا التي طوت صفحة العزلة والاستبداد، وفتحت صفحة الانفتاح والبناء.