الإثنين, 2 يونيو 2025 05:17 PM

السعودية وسوريا: شراكة استثمارية ضخمة لإعادة الإعمار وتشكيل مستقبل المنطقة

السعودية وسوريا: شراكة استثمارية ضخمة لإعادة الإعمار وتشكيل مستقبل المنطقة

في خضم التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، تتبلور ملامح حقبة جديدة في العلاقات السعودية السورية، تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية نحو آفاق اقتصادية واعدة. زيارة وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إلى دمشق تمثل نقطة تحول لإعادة رسم الخريطة الاقتصادية بين البلدين، وربما المنطقة بأسرها.

بثقلها السياسي والاقتصادي، تتبوأ السعودية مكانة الشريك المحوري في جهود إعادة إعمار سوريا، التي أنهكتها الحرب وأضعفت اقتصادها. الحديث عن استثمارات سعودية محتملة بقيمة 100 مليار دولار ليس مجرد رقم، بل تجسيد لرؤية استراتيجية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تهدف إلى بناء شبكة تكامل اقتصادي تربط سوريا بالأردن، وتمتد إلى البحر الأبيض المتوسط، مما يعزز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.

ما يميز هذه المرحلة هو الروابط التاريخية والاجتماعية العميقة التي تجمع البلدين، مما يمنح السعودية الأفضلية في قيادة جهود إعادة البناء. سوريا، التي تحتاج إلى ما يقارب 700 مليار دولار لإنعاش اقتصادها، تجد في الرياض شريكًا يمتلك القدرة المالية والإرادة السياسية لتعويض سنوات الصراع. قطاع النفط والغاز السوري، الذي تضرر بشدة، يمثل فرصة استثمارية واعدة، خاصة مع انسحاب الشركات الأجنبية، مما يفسح المجال أمام المستثمرين السعوديين لإعادة تأهيله.

تتجاوز هذه الشراكة البعد الاقتصادي لتشمل دلالات سياسية عميقة. السعودية، التي لعبت دورًا رئيسيًا في رفع العقوبات عن سوريا، تضع نفسها كبوابة لعودة دمشق إلى محيطها العربي، وربما إلى الساحة الدولية. إنها لحظة تاريخية تحمل إمكانية إعادة صياغة التوازنات الإقليمية، حيث يمكن للاستثمارات السعودية أن تكون محركًا اقتصاديًا وجسرًا لتعزيز الاستقرار وإعادة تشكيل المشهد السياسي في المنطقة.

في الختام، هذه العلاقة المتجددة ليست مجرد صفقة استثمارية، بل مشروع طموح يعكس رؤية المملكة لقيادة التغيير في المنطقة، قصة عن الاقتصاد كأداة للسياسة، وعن الطموح الذي يتجاوز الحدود ليرسم آفاقًا جديدة للتعاون والتكامل.

مشاركة المقال: