جددت الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز تأكيدها على طلب "الحماية الدولية بشكل فوري وسريع"، بهدف "حماية المدنيين وحقن الدماء"، مع رفضها لدخول أي جهات أخرى إلى المنطقة، وفقًا لبيان صدر يوم الاثنين 14 من تموز.
واتهمت الرئاسة الروحية، وعلى رأسها الشيخ حكمت الهجري، في بيانها كلاً من "الأمن العام" و"هيئة تحرير الشام" (التي وصفتها بأنها نواة القوات التي أسقطت نظام الأسد في سوريا) بالمشاركة في قصف القرى الحدودية بين السويداء ودرعا، ومساندة مجموعات "تكفيرية"، حسب وصفها، باستخدام أسلحة ثقيلة وطائرات مسيّرة. كما حملت الرئاسة الروحية المسؤولية لكل من يسهم في الاعتداء أو يسعى لإدخال قوى أمنية إلى المنطقة.
ردًا على الداخلية
جاء ذلك ردًا على إعلان وزارة الداخلية في بيان عبر "فيسبوك" عن أن وحدات من قواتها بالتنسيق مع وزارة الدفاع ستبدأ تدخلًا مباشرًا لفض النزاع وإيقاف الاشتباكات، وفرض الأمن وملاحقة المتسببين بالأحداث وتحويلهم إلى القضاء المختص، ضمانًا لعدم تكرار مثل هذه المآسي، واستعادة الاستقرار وترسيخ سلطة القانون.
وأشار البيان إلى أن التصعيد "الخطير" الذي تشهده المحافظة يأتي في ظل غياب المؤسسات الرسمية المعنية، مما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى، وانفلات الوضع الأمني، وعجز المجتمع المحلي عن احتواء الأزمة رغم الدعوات المتكررة للتهدئة، وأسفر ذلك عن ارتفاع عدد الضحايا، وتهديد مباشر للسلم الأهلي في المنطقة.
كما طلبت الوزارة من جميع الأطراف المحلية التعاون مع قوى الأمن الداخلي والسعي إلى التهدئة وضبط النفس، وشددت على أهمية الإسراع في نشر القوى الأمنية في المحافظة، والبدء بحوار شامل يعالج أسباب التوتر، ويصون كرامة وحقوق جميع مكونات المجتمع في السويداء، لافتة إلى أن "استمرار هذا الصراع لا يخدم إلا الفوضى ويزيد من معاناة أهلنا المدنيين".
الأطرش يدعو للتهدئة
بالتزامن مع ذلك، صدر بيان عن "دار الإمارة" في قرية عرى، من قبل الأمير حسن الأطرش، يدعو إلى إنهاء الاقتتال وعدم الانجرار وراء "الفتن"، مؤكدًا ضرورة التواصل مع الدولة ومشايخ العقل ووجهاء المنطقة للتوصل إلى حل يرضي الجميع. ودعا الأمير حسن الأطرش الجميع إلى منح فرصة حقيقة للحوار وفرض الأمن.
وفي وقت سابق، من مساء الأحد 13 من تموز، دعت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، الحكومة السورية إلى ضبط الأمن على طريق دمشق- السويداء، وإبعاد من وصفتهم بـ"العصابات المنفلتة" عنه. وقالت في بيان لها، "نحن إذ نحرّم الاعتداء وندينه بكل أشكاله، ولكننا في الوقت نفسه نرفض القبول باستمرار الظلم أو السكوت عن الانتهاكات المتكررة التي تطال أهلنا وطرقنا وكرامتنا".
كما دعت الرئاسة الروحية إلى تغليب صوت الحكمة والمسؤولية، والوقوف صفًا واحدًا لرفض الفوضى ومخططات التفرقة، مؤكدة على "الحق المشروع في الدفاع عن النفس" دون الانجرار إلى الفتنة التي لا تخدم إلا "أعداء الجبل وسوريا"، حسب تعبيرها. ووجهت الرئاسة خطابًا لأبناء عشائر السويداء قالت فيه "ناشدنا أهلنا من أبناء العشائر الكرام، بكل محبة واخاء وأهلية وحفظ لتاريخ وعيش مشترك آمن، ونحن على المحبة والأهلية محافظون، ولن تنحل عرى الأهليه والوطنية مهما حصل، لذلك وبكل أسف، فليست هذه هي معركتنا ولسنا أعداء بعضنا، فحرام أن يحصل ما حصل بين الأهل والجوار.. ومصير الوطن يتطلب الحرص على أرواحنا وأرزاقنا وكرامتنا جميعًا".
"رجال الكرامة" تحمل الحكومة المسؤولية
بدورها، أصدرت حركة "رجال الكرامة"، أكبر فصيل مسلح في السويداء، مساء الأحد 13 من تموز، بيانًا حملت فيه الحكومة السورية المسؤولية عما وصلت إليه الأمور، "بسبب تهاونها مع ضبط الأمن وحماية الطرقات، وصمتها تجاه الانتهاكات". كما حملت المسؤولية للأطراف المحلية التي "لم تحمل إلا الشعارات الفارغة وتنصلت من مسؤوليتها ووعودها مع انفجار العنف".
وقالت الحركة، إن ما تشهده المحافظة من توتر خطير لا يخدم مصلحة أي طرف، بل يهدد السلم الأهلي ويمهد لحالة من الفوضى "لا نرضاها لأهلنا ولا لوطننا". وأرجعت الحركة سبب التصعيد إلى الغياب "المقصود" حسب وصفها لدور الدولة في حماية الطريق الذي يصل محافظة السويداء بدمشق، وللانتهاكات "المتكررة" التي تطال المدنيين على هذا الطريق، خصوصًا عند حاجز "المسمية"، متهمة الحكومة السورية بتجاهل هذه الانتهاكات على مدى أشهر، حتى باتت تهدد الأمن الاجتماعي في عمق الجبل.
وأشارت الحركة إلى الاتفاق بين مشايخ ووجهاء السويداء، في شهر أيار الماضي، الذي يقضي بتأمين هذا الطريق من قبل الجهات الحكومية، واتهمت السلطة بأنها لم تقم بواجباتها، واكتفت بدور المتفرج، بينما تفاقمت الاعتداءات، وأخذت طابعًا "طائفيًا خطيرًا".
وأكدت أنها منذ الساعات الأولى للتوترات الأمنية، باشرت حركة "رجال الكرامة" بالتنسيق مع وجهاء الجبل، من أجل وقف التصعيد وتطويق الاشتباك، مشددة على أن مبدأ "الدفاع عن النفس" لا حياد عنه، وحق مشروع تكفله القوانين، لذلك دفعت "رجال الكرامة" بمقاتليها في مواقع التماس. وبررت "رجال الكرامة" إعلانها للـ "النفير العام" دفاعًا عن "الأرض والعرض"، دون أن يكون ذلك مدخلًا للانتقام أو الإقصاء، بل لحماية السلم الأهلي وردع من يستبيح أمن الناس.
ودعت الحركة إلى التهدئة والعودة إلى صوت العقل، وقالت "نؤمن أن التهدئة هي موقف قوة لا ضعف، وندعو الجميع إلى العودة إلى صوت العقل، ونُذكّر بأن كل قطرة دم تسيل اليوم هي خسارة لسوريا التي ننشدها، سوريا التي كنا نأمل أن تدخل مرحلة انتقالية تُدار بالحوار، لا بالسلاح، وبمؤسسات تمثل الشعب لا بممارسات تزرع الكراهية".
وتشهد المنطقة الغربية من محافظة السويداء، اشتباكات متواصلة، منذ يوم أمس 13 من تموز، تجددت مع ساعات فجر اليوم 14 من تموز وسط مناشدات من قبل المدنيين هناك، الذين يحاولون النزوح إلى مناطق آمنة.
وبدأت الهجمات بشكل مفاجئ، بعد حالة من الهدوء شهدتها ساعات الفجر الأولى، عقب إعلان وزارة الداخلية عن تدخلها لفض الاشتباكات، إضافة إلى إطلاق سراح جميع المختطفين من أبناء المحافظة ومن أبناء العشائر، إلا أن الاشتباكات تفاقمت وتزايدت الهجمات، وسط مخاوف من توسع رقعة الاشتباكات.
انتهاك يعيد التوتر إلى طريق دمشق- السويداء