الأحد, 28 سبتمبر 2025 05:31 PM

الصناعة السورية تنفض غبار الأزمة: قفزة في استيراد خطوط الإنتاج ومبادرات لدعم التنمية

الصناعة السورية تنفض غبار الأزمة: قفزة في استيراد خطوط الإنتاج ومبادرات لدعم التنمية

عنب بلدي – وسيم العدوي - في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه سوريا بعد عقد من العزلة، تعوّل الحكومة على دفع عجلة الإنتاج والتنمية الصناعية لتحسين الاقتصاد. يتزامن ذلك مع ظهور تأثير العقوبات المفروضة في عهد النظام السابق على إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات، مما يزيد من الاعتماد على القدرات المحلية.

أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة عن زيادة كبيرة في طلبات استيراد خطوط الإنتاج الجديدة، مما يمهد الطريق لتعزيز الإنتاج المحلي والقدرة التصديرية، بالإضافة إلى المساهمة في إعادة إعمار البلاد، وفقًا لتصريح معاون وزير الاقتصاد والصناعة لشؤون الصناعة، محمد ياسين حورية، لـ عنب بلدي.

ارتفاع في طلبات استيراد خطوط الإنتاج

بدأت الصناعة السورية تشهد تحولًا تدريجيًا مع نهاية عام 2024، حيث سجلت وزارة الاقتصاد والصناعة 1389 طلبًا لاستيراد خطوط إنتاج للمصانع الجديدة، من كانون الأول 2024 وحتى نهاية آب الماضي، وتم استيرادها بالكامل، حسب تصريح حورية. وتشير هذه الأرقام إلى رغبة كبيرة في تحديث وتنويع الصناعة السورية لتلبية احتياجات السوق المحلية، وفتح آفاق جديدة للتصدير.

كانت الصناعات الهندسية والنسيجية من أبرز القطاعات التي شهدت طلبات مرتفعة، حيث تصدر القطاع الصناعي الهندسي بـ 382 طلبًا، وسجل القطاع النسيجي 381 طلبًا. وفي المقابل، برزت الصناعات الكيماوية والصناعات الغذائية بتسجيل 396 و230 طلبًا على التوالي.

آلات إنتاجية مفردة في دائرة الاستيراد

بالإضافة إلى خطوط الإنتاج الجديدة، سجلت الوزارة زيادة في طلبات الآلات المفردة، والتي بلغت 407 طلبًا، موزعة على مختلف القطاعات الصناعية. حازت الصناعات الكيماوية على الحصة الأكبر من هذه الطلبات بـ 161 طلبًا، تلتها الصناعات الغذائية بـ 116 طلبًا، ثم القطاع الهندسي بـ 82 طلبًا، والقطاع النسيجي بـ 48 طلبًا.

أشار معاون وزير الاقتصاد والصناعة إلى أن التوجه نحو استيراد خطوط الإنتاج الجديدة يمثل بداية مرحلة جديدة من العمل الصناعي في سوريا، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تتطلب تطوير الصناعات المحلية بما يتماشى مع متطلبات إعادة الإعمار وتعزيز القدرة التصديرية.

خطوط الإنتاج وتنمية الاقتصاد

يرى حورية أن الاستثمار في خطوط الإنتاج في سوريا في الظروف الاقتصادية الحالية يمثل "موضوعًا متعدد الأبعاد، يجمع بين الفرص الواعدة والتحديات الكبيرة"، وتتمثل هذه الأبعاد في:

  1. الحاجة الماسة لإعادة الإعمار والتصنيع.
  2. الحوافز والدعم الحكومي.
  3. الموارد البشرية والطبيعية.
  4. التحسن التدريجي في البيئة الاستثمارية.

إعادة الإعمار والأمن الغذائي

هناك توجه واضح من الصناعيين نحو استيراد خطوط الإنتاج التي تتوافق مع احتياجات المرحلة الحالية في سوريا، حسبما ذكر حورية، موضحًا أهمية هذا التوجه في:

  1. تلبية احتياجات إعادة الإعمار، خاصة في مجال مواد البناء.
  2. المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والدوائي، وتوفير المنظفات.
  3. القدرة على التصدير وجلب العملة الصعبة، مثل الملابس الجاهزة.
  4. تقديم حلول لأزمة الكهرباء عبر الطاقة المتجددة.
  5. الاستفادة من البيئة الداعمة في المدن الصناعية الجديدة والحوافز الحكومية.

وفيما يخص قطاع الأمن الغذائي، أشار حورية إلى الاهتمام المتزايد باستيراد خطوط الإنتاج التي تساهم في توفير السلع الغذائية، مما يساعد في تأمين احتياجات السوق المحلية وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطن السوري.

التصدير والعملات الصعبة: أولوية اقتصادية

بينما تبذل الحكومة السورية جهودًا لدعم الإنتاج المحلي، يمثل التصدير إحدى الأولويات الاستراتيجية. وأوضح حورية أن هناك تركيزًا على استيراد خطوط الإنتاج التي لديها القدرة على جلب العملة الصعبة، مثل صناعة الملابس الجاهزة، التي تعد من أبرز القطاعات التي يمكن أن تساهم في تعزيز الاقتصاد السوري من خلال التصدير إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.

كما شدد على ضرورة الاستفادة من استيراد خطوط الإنتاج في حل مشكلات هيكلية مثل أزمة الكهرباء عبر الطاقة المتجددة، لأن هذه الخطوط تتماشى مع الاتجاه نحو التنمية المستدامة وتلبي احتياجات سوريا في مواجهة أزمة الكهرباء.

المرسوم “114”.. حوافز جديدة

في خطوة لدعم التحول الصناعي في سوريا، صدر المرسوم التشريعي رقم “114” للعام الحالي، والذي يتضمن العديد من الحوافز الاستثمارية والجمركية والضريبية التي تهدف إلى جذب الصناعيين والمستثمرين المحليين والدوليين، والتشجيع على إعادة الإعمار، وتخفيف الأعباء عن الصناعيين والتجار لتعزيز الإنتاج المحلي.

أبرز هذه الحوافز، الإعفاء من جميع الرسوم الجمركية والمالية والإضافات غير الجمركية، لكل من:

  1. كامل مستوردات الآلات وخطوط الإنتاج الصناعية العائدة للمنشآت الاستثمارية والمسجلة باسم هذه المشاريع الحاصلة على إجازة استثمار.
  2. جميع الآلات والآليات والأجهزة والمعدات اللازمة لتنفيذ مشاريع التطوير والاستثمار العقاري.
  3. مستوردات الأجهزة الطبية الخاصة بتجهيز المستشفيات والمراكز الصحية بجميع أنواعها، بشرط أن تكون جديدة وغير مستعملة.

وفي ميزة تفضيلية، تم بموجب الحوافز “منح المستثمرين الأجانب إقامة مؤقتة، لمدة سنة ميلادية، قابلة للتجديد، لحين صدور إجازة الاستثمار وإنجاز المشروع ووضعه بالتشغيل”.

كما عدّلت المادة “21” من القانون رقم “18” لعام 2021، لتشمل:

  1. إعفاء ضريبيًا دائمًا بنسبة 100% لمشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني.
  2. تخفيضًا ضريبيًا بنسبة 80% للمشاريع في المناطق التنموية.
  3. حوافز ضريبية للمشاريع خارج المناطق التنموية، تشمل:
    • المشاريع الصناعية المصدّرة لأكثر من 50% من إنتاجها.
    • الصناعات الطبية والزراعية والأدوية البشرية والبيطرية.
    • مشاريع التصنيع الزراعي والحيواني.
    • مشاريع تدوير النفايات باستخدام تقنيات صديقة للبيئة.
    • منشآت فرز وتوضيب المنتجات الزراعية.
    • منشآت الحرف اليدوية.

ضرورة تأهيل كامل قطاع الصناعة

مع تأكيد وزارة الاقتصاد ازدياد وتيرة استيراد خطوط الإنتاج للمنشآت الصناعية السورية، طالب رجل الأعمال والصناعي السوري حسام مكي، بإعادة تأهيل شاملة للقطاع الصناعي، تبدأ بتفعيل دور المصرف الصناعي وتمويل المشاريع المتعثرة، مرورًا بإنشاء صندوق للتنمية الصناعية، وصولًا إلى تقديم التسهيلات التي تمكّن الصناعيين من استيراد التقنيات الحديثة أو إعادة تأهيل القائم منها.

ويرى مكي أن الصناعة الوطنية واجهت خلال السنوات الماضية تحديات قاسية نتيجة الحصار والعقوبات ونقص الاستثمارات، ما أدى إلى توقف العديد من خطوط الإنتاج وتقادم الخطوط الأخرى. واستطاعت بعض الشركات الصمود بفضل التحديث المستمر ومواكبة التطوير، مما حافظ على حضور المنتج السوري في الأسواق رغم الظروف الصعبة.

وأكد مكي أن قرار إعفاء خطوط الإنتاج المستوردة من الرسوم الجمركية يُعد خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، ويشكل حافزًا عمليًا لتسريع عمليات التحديث. ودعا إلى استكمال هذه الخطوة بحزمة إجراءات داعمة تضمن استدامة التطوير الصناعي.

نحو صناعة تنافسية ومستدامة

حماية الصناعة المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية لم تعد خيارًا، بل ضرورة وطنية واقتصادية، بحسب الصناعي حسام مكي، مشددًا على أهمية استمرار الإجراءات الداعمة وتوسيعها لتشمل تطوير البنية التحتية الصناعية وتحديث خطوط الإنتاج.

ولم يعد تطوير خطوط الإنتاج مجرد “قرار تقني”، حسب تعبير مكي، بل أصبح الركيزة الأساسية لعودة قوة المنتج السوري إلى الأسواق المحلية والخارجية، مؤكدًا أن الصناعة هي العمود الفقري للاقتصاد الوطني.

وبيّن أن القطاع الخاص السوري مستعد للإسهام في هذه النهضة الصناعية، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتدريب الكوادر، وتوسيع الشراكات مع الجهات الحكومية، مشيرًا إلى أن مستقبل سوريا يبدأ من مصانعها، وأن الصناعيين يحملون مسؤولية وطنية في بناء اقتصاد قوي ومستدام.

القطاع الصناعي السوري يدخل مرحلة جديدة على أمل النمو والتطور، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، بينما تحاول الحكومة، بحسب ما يصدر عنها، توفير الدعم اللازم لتطوير الصناعة المحلية وتعزيز القدرة التصديرية، مع التركيز على استيراد خطوط الإنتاج التي تسهم في تحقيق الأمن الغذائي والطبي وتوفير السلع والمنتجات للأسواق المحلية والخارجية.

مشاركة المقال: