أعلن مدير الشؤون الصينية في وزارة الخارجية السورية، أشهد صليبي، أن الصين تعتزم إعادة فتح سفارتها في دمشق بحلول مطلع عام 2026. وأشار إلى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد سوري إلى بكين قد دشنت مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين.
وكشف صليبي، في حواره مع وكالة "الأناضول" التركية، يوم الاثنين 24 تشرين الثاني، عن تعهد الصين بتقديم مساعدات للشعب السوري بقيمة 380 مليون يوان (حوالي 53 مليون دولار).
وأوضح أن رجال الأعمال والطلاب السوريين يواجهون صعوبات في الحصول على التأشيرة الصينية، مما استدعى طلبًا بتسريع إعادة فتح السفارة الصينية.
وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قد زار الصين والتقى بنظيره الصيني، وانغ يي، في 17 تشرين الثاني.
زيارة "تاريخية"
وصف مدير الشؤون الصينية في وزارة الخارجية السورية الفترة الأخيرة بأنها شهدت مباحثات واتصالات متبادلة بين دمشق وبكين، تُوجت بزيارة وزير الخارجية السوري على رأس وفد دبلوماسي إلى الصين. واعتبر الزيارة "تاريخية"، مؤكدًا أنها أعادت تنشيط علاقات دمشق مع الشرق، وفتحت آفاقًا جديدة مع الصين، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي.
وأشار صليبي إلى أن سوريا لا ترغب في مواجهة أية إشكالات أو تجاذبات في المسائل المتعلقة بها لدى المحافل الدولية، مضيفًا: "لا نريد أن نرى سلطة النقض (فيتو) من أي دولة في مجلس الأمن، عندما يكون الأمر متعلقا بالشأن السوري".
وأكد أن سوريا تسعى إلى إقامة علاقات قوية واستراتيجية مع جميع الدول، ضمن برنامج دبلوماسي فاعل مع جميع الأطراف. ولفت إلى أن روسيا قدمت دعمًا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا للنظام السابق، بينما اكتفت الصين بتقديم الدعم السياسي في مجلس الأمن وفي المنصات الدولية الأخرى.
وأوضح أنه عقب سقوط نظام بشار الأسد، أغلقت الصين سفارتها في دمشق ونقلت بعثتها الدبلوماسية إلى لبنان، مشيرًا إلى أن العلاقات لم تعد إلى مستواها السابق منذ ذلك الحين.
قضية الإيغور
نفى مدير الشؤون الصينية في وزارة الخارجية السورية صحة ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) حول اعتزام الحكومة السورية "تسليم 400 مقاتل من الإيغور إلى الصين"، مؤكدًا أن الوكالة الفرنسية نشرت ذلك دون الاستناد إلى أي مصدر. وشدد على أنه لم تتم مناقشة تسليم الأشخاص المطلوبين أو أي موضوع مشابه، بل لم يُطرح على الإطلاق.
وبشأن عدم استخدام الصين سلطة "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد قرار رفع العقوبات عن سوريا، ربط صليبي بين ذلك والاتفاقيات التي يجري العمل عليها بين البلدين والتي تحقق تقدمًا إيجابيًا.
الاستثمارات الصينية
أشار صليبي إلى أن الاستثمارات الصينية في سوريا تُعد من أهم الملفات المتعلقة بإعادة إعمار البلاد، موضحًا أن لدى الصين اهتمامًا بعدة قطاعات اقتصادية في سوريا، مثل الزراعة والطاقة والنقل والبنية التحتية والتكنولوجيا. وأكد أن قدرة الشركات الصينية على الإنشاء السريع وميزتها في انخفاض التكلفة ستوفران منافسة كبيرة في السوق السورية وستسرعان من عملية إعادة الإعمار.
وأضاف أن حجم التبادل التجاري بين سوريا والصين قبل عام 2011 كان قد وصل إلى مليار ونصف المليار دولار، وهو ما كان يشكل نسبة تتراوح بين 8 و9 % من موازنة الدولة السورية آنذاك. وشدد على أن أولوية سوريا تتركز على التنمية الاقتصادية واستقرار الأمن، مبينًا أن هذين العاملين يمكن تحقيقهما من خلال أدوات الدبلوماسية المتوازنة والعلاقات الودية مع جميع الدول. وأشار إلى أن الصين تمتلك تكنولوجيا متقدمة وتنافس عالميًا، وأن هذه القدرات تُعد مهمة بالنسبة لسوريا.
ماذا تضمنت زيارة الشيباني؟
بحسب البيان الذي نشرته وزارتا الخارجية السورية والصينية، فإن المحادثات بين الجانبين كانت "بنّاءة"، وتمّ خلالها تبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وشدد الطرفان على أهمية الصداقة بين البلدين والشعبين، مؤكدين الالتزام بالحفاظ عليها وتطويرها بما يخدم مصالحهما، مع مراعاة السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل طرف، واستمرار التشاور ضمن المنظمات والمحافل الدولية.
وأشار البيان إلى استعداد الجانبين لتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية وإعادة إعمار سوريا، وبناء القدرات وتحسين مستوى معيشة المواطنين السوريين، كما تم التأكيد على مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وتعزيز التنسيق الأمني بين البلدين، إضافة إلى أهمية منتدى التعاون الصيني- العربي في دعم التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية.
وأكد الجانب السوري، بحسب البيان، موقفه الداعم لمبدأ "الصين الواحدة"، واعترافه بسيادة الحكومة الصينية، بما في ذلك رفض أي تدخل في شؤونها الداخلية، ودعمه لجهود الحكومة الصينية في تحقيق إعادة التوحيد الوطني. كما أعرب الجانب السوري عن تقديره للمبادرات الصينية المختلفة، بما فيها مبادرة التنمية العالمية والحزام والطريق، مع تأكيد رغبته بالمشاركة النشطة فيها، مشددًا على أن أراضي سوريا لن تُستخدم لأي أنشطة تهدد أمن أو مصالح الصين.
من جهتها، أكدت الصين احترامها الكامل لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، واعترافها بالحكومة السورية ممثلة شرعية للشعب، مع دعم العملية السياسية الداخلية التي تقودها الدولة السورية. وأشاد الجانب الصيني بالجهود السورية في مكافحة المخدرات، وتعزيز سيادة القانون، ومكافحة الإرهاب، وحماية حقوق المواطنين دون تمييز، مؤكدًا دعم مسار التنمية الذي تتبعه سوريا بما يتوافق مع ظروفها الوطنية، مع التشديد على اعتراف المجتمع الدولي بالجولان كأرض سورية محتلة.