الأحد, 23 نوفمبر 2025 06:33 PM

الفيدرالي الأمريكي يواجه اختباراً صعباً: قراراته تحدد مصير الذهب

الفيدرالي الأمريكي يواجه اختباراً صعباً: قراراته تحدد مصير الذهب

في ظل المشهد المالي المتقلب، يواجه الفيدرالي الأميركي تحدياً كبيراً: تحقيق التوازن بين الحفاظ على استقرار الأسعار ودعم قوة الاقتصاد، خاصة مع تضارب المؤشرات الاقتصادية. فمن جهة، تشير بيانات سوق العمل إلى تباطؤ نسبي في التوظيف ونمو الأجور، بالإضافة إلى تأثيرات الإغلاق الحكومي الأخير. ومن جهة أخرى، يظهر الاقتصاد الأميركي مرونة وقدرة على التوسع، مدعوماً بالطلب الاستهلاكي القوي والإنفاق الحكومي المستمر، مما يمنح الفيدرالي هامشاً للمحافظة على سياسة نقدية متشددة لفترة أطول.

يرى فريق من المحللين أن أي خفض إضافي للفائدة في الوقت الحالي قد يحمل مخاطر كبيرة، خاصة مع بدء تطبيق التعريفات الجمركية الجديدة التي من المتوقع أن ترفع تكلفة الواردات وتزيد الضغط على الأسعار. ويخشى هذا الفريق من أن يؤدي خفض الفائدة إلى "إعادة إشعال التضخم" عبر تحفيز النشاط الاقتصادي وتسهيل الاقتراض، مما يزيد الطلب ويضعف جهود الفيدرالي في تثبيت التضخم عند 2%.

في المقابل، يطالب فريق آخر الفيدرالي بتوضيح رؤيته المستقبلية، حتى في حال قرر خفض الفائدة. ويرى هذا الفريق أن المشكلة تكمن في غياب إرشاد واضح يطمئن الأسواق بأن دورة الخفض لن تكون مفتوحة. ويعتقدون أن القطاعات الحساسة لتكاليف الاقتراض، مثل العقارات والتكنولوجيا والشركات الصغيرة، بدأت تعاني من ضغوط بسبب مستويات الفائدة الحالية، وأن تجاهل هذه المؤشرات قد يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي في النصف الأول من عام 2025.

هذا التباين في وجهات النظر ينعكس بشكل مباشر على أسواق الذهب. فالتقلبات في توقعات الفائدة تخلق طلباً متزايداً على الذهب كملاذ آمن، خاصة في فترات عدم اليقين الجيوسياسي أو ضعف البيانات الاقتصادية. وفي حال ثبت الفيدرالي أسعار الفائدة، قد يشهد الذهب تراجعاً إلى مستويات دعم سابقة مثل 3885 و3860 دولاراً، وربما 3840 إذا استمر الزخم البيعي. أما سيناريو الخفض بدون توجيه واضح فقد يدفع الأسعار إلى الارتفاع على المدى المتوسط بسبب عودة المخاوف التضخمية.

في النهاية، ستلعب لغة الفيدرالي الدور الأكبر في تحديد مسار الذهب. فالتصريحات التي تلمح إلى استمرار التشدد قد تضغط على الذهب مؤقتاً، بينما أي إشارة إلى اقتراب دورة خفض الفائدة قد تفتح الباب أمام ارتفاعات جديدة. المؤكد أن الأسواق ستظل متقلبة حتى تتضح الصورة، وأن الذهب سيبقى أحد أكثر الأصول حساسية لكل كلمة تصدر من الفيدرالي خلال المرحلة المقبلة.

التصريحات التي تلمح إلى استمرار التشدد النقدي، مثل الإشارة إلى إبقاء الفائدة مرتفعة لمدة أطول أو التشديد على مراقبة التضخم، قد تؤدي إلى ضغط مؤقت على أسعار الذهب، إذ يميل المستثمرون عندها إلى تحويل استثماراتهم إلى أصول أقل مخاطرة توفر عائداً ثابتاً، مثل السندات الأميركية.

على الجانب الآخر، أي إشارة من الفيدرالي إلى اقتراب دورة خفض الفائدة أو الحاجة إلى سياسة نقدية أكثر تيسيراً في المستقبل القريب قد تحدث تأثيراً عكسياً كبيراً، إذ سينظر إليها على أنها مؤشر إلى أن تكلفة الاقتراض قد تنخفض قريباً، ما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن ضد أخطار التضخم وارتفاع الأسعار، ويزيد من جاذبيته للمستثمرين الباحثين عن حماية قيمة أصولهم.

أسواق المال اليوم أصبحت حساسة بشكل غير مسبوق لكل كلمة أو تلميح يصدر عن الفيدرالي، سواء في البيانات الرسمية أم في المؤتمرات الصحافية أو في تصريحات مسؤولي البنك المركزي. حتى أدنى إشارة عن تغير في تقييم التضخم أو توقعات النمو يمكن أن تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار الأصول المالية، بما في ذلك الأسهم والسندات والعملات، لكن الذهب يظل الأكثر تأثراً نظراً إلى طبيعته كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين.

بقلم: نور البيطار، محللة أسواق مالية في شركة ACY Securities Mena.

المصدر: أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: