أعلنت مديرية التربية في اللاذقية عن تعليق الدوام المدرسي مؤقتًا في مدرستي قرية رأس العين لمدة أسبوع، وذلك كإجراء احترازي للحد من انتشار التهاب الكبد الوبائي. وأوضحت المديرية في بيان صحفي، أنه بناءً على المعلومات الواردة من إدارات المدارس في قرية رأس العين التابعة لناحية القطيلبية بمنطقة جبلة، حول تسجيل عدد من حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي بين التلاميذ وبعض الأهالي، تقرر تعليق الدوام في مدرستي رأس العين للتعليم الأساسي ورأس العين الثانوية اعتبارًا من الأحد 19 من تشرين الأول.
أكد مدير التربية في محافظة اللاذقية، وليد كبولة، أن هذا الإجراء احترازي، وجاء بتوجيهات من المحافظ بهدف الحد من انتشار العدوى وحماية صحة التلاميذ والكوادر التعليمية، وذلك لحين صدور نتائج التحاليل والتقارير الميدانية للفرق الطبية التي بدأت عملها في البلدة. وكانت المديرية قد رفعت كتابًا إلى المحافظ في 19 من تشرين الأول، تطالب فيه بإرسال فرق التقصي الوبائي بشكل عاجل من مديرية الصحة العامة، وكذلك أخذ عينات ميدانية من مصادر المياه وتحليلها من قبل المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي لتحديد مصدر التلوث ومعالجته فورًا، وفقًا لكبولة.
أضاف كبولة أن إعادة الدوام ستعتمد على تقرير الفرق الصحية، وأن المديرية أعدت خطة لتعويض الفاقد التعليمي الناتج عن التعليق المؤقت بإشراف مباشر من المشرفين التربويين والاختصاصيين. وأشار إلى أن المديرية تتابع الوضع بالتنسيق مع مديرية الصحة العامة، ودعا الأهالي والإدارات التربوية إلى الالتزام بالمصادر الرسمية للمعلومات وتجنب تداول الأخبار غير الدقيقة.
من جهتها، ذكرت رئيسة إشراف منطقة جبلة الصحية، فاطمة نجار، أنه بعد ورود بلاغ عن تسجيل إصابات بالتهاب الكبد (A) في قرية رأس العين- حارة العميرية، في 6 من تشرين الأول، توجه فريق المنطقة الصحية إلى الموقع، حيث تم تسجيل 24 حالة، منها تسع حالات في طور الشفاء. وأُخذت عينات مياه من عدة آبار في الحي وأُرسلت إلى المخبر الجرثومي في وحدة المياه باللاذقية، حيث تبين وجود تلوث نتيجة احتمالية تسرب الصرف الصحي إلى الآبار الارتوازية المنتشرة في المنطقة، وفق نجار. وأضافت أن الفرق الصحية وزعت نحو 4000 حبة كلور على الأهالي، ونفذت جلسات تثقيف صحي حول المرض وطرق العدوى والوقاية. وتم التواصل مع بلدية رأس العين التي باشرت بإصلاح أحد خطوط الصرف الصحي المكسورة في الحي المذكور، بحسب نجار. كما تمت زيارة مدرسة رأس العين حيث سجلت ثلاث حالات إصابة بين الطلاب، وتم التنسيق مع دائرة الصحة المدرسية لمتابعة الوضع الصحي داخل المدرسة ومراقبة المخالطين. وتستمر فرق مديرية الصحة بمتابعة الوضع ميدانيًا حتى التأكد من خلو القرية من الإصابات الجديدة، مشيرة إلى أن وحدة المياه لم ترفع حتى الآن وتيرة ضخ المياه عبر الشبكة الرئيسة رغم التنسيق المستمر بهذا الخصوص.
ودعت المديرية الأهالي إلى الالتزام بإجراءات الوقاية وعدم الانجرار وراء المعلومات غير الدقيقة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتستمر جميع الإجراءات الوقائية حتى السيطرة الكاملة على الوضع الصحي في القرية.
أمراض موسمية
شهدت بعض قرى اللاذقية ومناطقها في الأسابيع الأخيرة ظهور حالات مرضية متفرقة ترافقت بأعراض متشابهة، أبرزها الحمى والتعب المستمر وآلام المفاصل والغثيان. وأرجعت رئيسة شعبة الأمراض السارية والمزمنة في مديرية صحة اللاذقية، الدكتورة خيرية دباغ، سبب الانتشار الحالي للأمراض التي تتشابه في الأعراض، إلى عوامل موسمية ترتبط بتربية الحيوانات، إذ تكثر في هذه الفترة ولادات الأغنام والماعز، ما يزيد احتمالية انتقال جرثومة "البروسيلا" (الحمى المالطية). كما يزيد ارتفاع درجات الحرارة من خطر تلوث المياه وانتشار الأمراض جراء ذلك، ولفتت دباغ إلى أن نشاط الحشرات الناقلة مثل "ذبابة الرمل"، يزداد خلال مواسم معينة، ويكون سببًا لأمراض عدة.
وذكرت دباغ أن "الحمى المالطية" تتميز بحمى متموجة وصداع وآلام مفصلية شديدة، إضافة إلى تضخم الكبد والطحال، بينما يرتبط "التهاب الكبد (أ)" بظهور اصفرار في الجلد والعينين وتحول لون البول إلى داكن، رغم اشتراك المرضين في التعب والحمى وفقدان الشهية. ولفتت إلى أن المرحلة المبكرة لكليهما تشبه أعراض الإنفلونزا، ما يزيد الالتباس في حال الاعتماد فقط على المظاهر السريرية. وبينت الدكتورة خيرية دباغ أنه لا يمكن حسم طبيعة المرض بدقة مطلقة من دون فحوصات مخبرية، إلا أن أكثر الاحتمالات شيوعًا في الريف السوري والمتوافقة في الأعراض تشمل:
- الحمى المالطية (البروسيلا)، وهي الاحتمال الأرجح نظرًا إلى انتشار تربية المواشي.
- التهاب الكبد الفيروسي (أ)، الذي يرتبط بتلوث الماء أو الطعام.
- داء الليشمانيات، وهو مرض طفيلي تنقله ذبابة الرمل.
- الإنفلونزا وبعض الفيروسات الموسمية التي تبدأ بأعراض مشابهة.
وإلى جانب ذلك، تنتشر حالات الإسهال الحاد الناتج عن تلوث المياه، إضافة إلى الأمراض الطفيلية المعوية، في أوقات متفرقة من العام.