الأحد, 24 أغسطس 2025 07:36 PM

المؤسسة السورية للتجارة تعاود طرح صالاتها للاستثمار بمزادات علنية ونماذج أخرى

المؤسسة السورية للتجارة تعاود طرح صالاتها للاستثمار بمزادات علنية ونماذج أخرى

عنب بلدي – مارينا مرهج - بعد قرار بالتريث في أيار الماضي، أعادت المؤسسة السورية للتجارة فتح باب المزادات العلنية لاستثمار صالاتها وعقاراتها، وذلك في إطار تنظيم ملف الاستثمار في سوريا.

وكانت المؤسسة قد طرحت صالاتها للاستثمار في مختلف المحافظات السورية منذ نهاية نيسان الماضي، بعد إفراغها من المواد الموجودة، بهدف تحويل النشاط المؤسسي من الطابع التجاري إلى الاستثماري، وتحقيق ريعية اقتصادية مستدامة، وضمان عدم تفويت أي منفعة على المال العام، وفق أسس شفافة وقوانين الاستثمار المعمول بها.

وفي كانون الثاني الماضي، أصدرت المؤسسة قرارًا بإلغاء المؤسسة السورية للتجارة وتجميد أعمالها ومنشآتها لإعادة النظر فيها، ثم بيع البضائع بمزادات علنية.

الاستثمار وفق نموذجين

يتم عرض صالات "السورية للتجارة" عبر إعلانات تنشرها إدارة التجارة الداخلية، وفق نموذجين: المزاد العلني والظرف المختوم. تتضمن الإعلانات معلومات عن الصالة وشروط التقدم والقيمة وتاريخ البدء والانتهاء.

أوضح معاون المدير العام للمؤسسة السورية للتجارة، معاذ هنداوي، لعنب بلدي، أن اختيار أحد النموذجين هو خيار متاح وقانوني، ويتم بناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة. وأشار إلى أن أغلبية الصالات طُرحت بالمزاد العلني، بما في ذلك صالات عُرضت سابقًا بنموذج الظرف المختوم ولم يتم استثمارها.

وحول شفافية نموذج الظرف المختوم، كشف هنداوي عن وجود لجان لفض العروض ووضع السعر السري وسبر الأسعار، وهي منفصلة لتعزيز الشفافية وتحقيق السرية التامة في التقييم، خاصة السعر السري. كما توجد لجان إشراف لضبط التلاعب وتسريب المعلومات، وتقدم معلومات المزاد للجنة فض العروض خلال المزاد وبحضور العارضين.

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس أن نموذج "المزاد العلني" هو الأنسب، لأنه يضمن الشفافية الكاملة ويحقق منفعة اقتصادية أكبر للدولة. وأوضح أن الاعتماد على نموذج "الظرف المختوم" قد يفتح الباب أمام الفساد والتسريبات، بينما يتيح "المزاد العلني" منافسة علنية واضحة تقوم على مبدأ "من يدفع أكثر"، بعيدًا عن المحسوبيات.

المزاد العلني: يجري بحضور العارضين أو من ينوب عنهم قانونيًا في جلسة علنية، ويبدأ بسعر افتتاح محدد، ويتم التزايد عليه من قبل المستثمرين الحاضرين. وفي حال تجاوز العرض المقدم السعر السري المحدد مسبقًا من اللجنة المختصة، يتم إرساء المزاد على صاحب أعلى عرض.

المزاد بالظرف المختوم: يعتمد على تقديم العروض المالية والفنية ضمن ظروف مختومة إلى الجهة المختصة، ليتم فتحها بحضور العارضين أو من ينوب عنهم قانونيًا، ويتم التأكد من استيفاء الأوراق الثبوتية والشروط المطلوبة، ثم يرسو المزاد على صاحب أعلى عرض إذا كان مساويًا أو أعلى من السعر السري، ويحق للجنة إلغاء المزاد إذا تقدم عارض وحيد في كلا النوعين، التزامًا بالقوانين الناظمة.

معاذ هنداوي

معاون المدير العام للمؤسسة السورية للتجارة

شروط موحدة وإقبال ملحوظ

أكد معاون المدير العام للمؤسسة السورية للتجارة، معاذ هنداوي، لعنب بلدي، أن المزادات تشهد إقبالًا ملحوظًا من المستثمرين والتجار، لما تتمتع به صالات المؤسسة من موقع استراتيجي وسمعة جيدة في مختلف المحافظات.

تقوم اللجان الفنية بالكشف على الصالات وتحديد سعر تقديري (سعر سبر) وسعر سري، وتُحدد الأسعار النهائية في جلسات المزاد، وفق المنافسة بين المستثمرين ورغبتهم، ما يجعل من غير الممكن تحديد سعر موحد.

يختلف السعر بحسب موقع العقار وحجم الطلب عليه والأسعار السائدة في المنطقة، وفق ما أوضحه هنداوي. ونوه إلى أن شروط الدخول إلى المزاد موحدة من حيث متطلبات الأوراق الثبوتية والإجراءات الإدارية، مع اختلاف مبلغ التأمين الأولي من عقار لآخر تبعًا لقيمته وموقعه، كما يمكن تعديل بعض الشروط وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، بشرط ألا يتعارض ذلك مع القوانين والأنظمة النافذة.

أكد الخبير الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس أن صالات "السورية للتجارة" لعبت في الماضي دورًا مهمًا في تقليص الفجوة بين ذوي الدخل المحدود وبقية شرائح المجتمع، بما ينسجم مع النهج الاشتراكي الموجه الذي كان مطبقًا سابقًا في سوريا، لكن هذا الدور تراجع مع تدهور القطاع الإنتاجي العام الذي تركه النظام السابق في حالة "يرثى لها". وأشار إلى أن خبراء الاقتصاد طالبوا منذ سنوات بطرح هذا القطاع للبيع أو الاستثمار لما يمكن أن يحققه من فوائد اقتصادية للدولة والمواطن معًا.

وأضاف الجاموس أن التحول نحو اقتصاد "السوق الحر" في سوريا يعني بالضرورة تعزيز آليات المنافسة والاعتماد على العرض والطلب، وهو ما يلغي عمليًا الدور الاجتماعي لهذه الصالات، مشددًا على ضرورة استثمارها بشكل صحيح ومخطط لتتحول إلى رافعة اقتصادية، في حال تم استثمار مساحاتها الكبيرة ومواقعها المهمة لتقديم منتجات متنوعة، بعيدًا عن المحسوبيات والمصالح الشخصية، منوهًا إلى ما قد يواجهه المستثمرون من تحديات مرتبطة بالبنية التحتية.

حددت المؤسسة جملة من الشروط التي يتعين على المستثمر استيفاؤها، في إطار حرص المؤسسة السورية للتجارة على ضمان الجدية والكفاءة في استثمار الصالات التجارية، بحسب هنداوي، تتضمن تسديد مبلغ تأمين يحدد حسب الصالة المعنية، وتقديم طلب إلى الفرع المعني ضمن ظرف مغلق يحتوي على:

  • صورة عن الهوية الشخصية.
  • وثيقة "لا حكم عليه"
  • صورة عن سجل تجاري أو صناعي ساري المفعول.
  • وثيقة تثبت عدم وجود ارتباط وظيفي لدى الجهات العامة.

تزامنًا مع التحول إلى “السوق الحر”

أنشئت المؤسسة السورية للتجارة مطلع عام 2017، من خلال دمج مؤسستين، هما المؤسسة العامة الاستهلاكية والمؤسسة العامة للخزن والتسويق، بهدف الدخول للسوق والمنافسة مع القطاع الخاص في توفير المواد بأسعار أرخص.

وكانت المؤسسة عبر صالاتها تقوم خلال السنوات الماضية بالأعمال التجارية للمواد والسلع التموينية والاستهلاكية والنسيجية، والمنتجات الزراعية بشقيها الحيواني والنباتي، والاستيراد والتصدير للسلع والخدمات.

وحول عدم استمرار الإدارة الحالية بهذه السياسة عقب سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، كشف معاون المدير العام للمؤسسة السورية للتجارة، معاذ هنداوي، لعنب بلدي، أن القرار الأنسب اقتصاديًا في المرحلة الراهنة هو تحويل النشاط إلى استثمار الأصول العقارية، بالتزامن مع تحرير السوق المحلية وانفتاحها أمام المنافسة، ونظرًا إلى التحديات المرتبطة بإدارة عمليات البيع المباشر في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، بالإضافة إلى وجود التزامات ومستحقات مالية للتجار.

وأوضح أن التجربة السابقة خلال السنوات الماضية، شهدت ممارسات غير سليمة تمثلت في إبرام عقود مشبوهة، وتوريد مواد ذات جودة متدنية، فضلًا عن حالات فساد أثرت سلبًا على كفاءة الخدمة وثقة المستهلك، ما دفع المؤسسة لاتخاذ قرار بإيقاف منافذ البيع المباشر وإعادة هيكلة النشاط، مع إبقاء الباب مفتوحًا لإعادة تفعيل بعض الصالات للبيع المباشر مستقبلًا إذا توفرت الظروف التي تضمن استدامة الخدمة وجودتها.

وكان مدير المؤسسة السورية للتجارة، عامر قسوم، ذكر في وقت سابق لعنب بلدي، أن “أغلبية البضائع كانت ضمن عقود وصفقات مشبوهة وغير قانونية”، ويعتقد أنها “كانت جزءًا من عمليات تبييض أموال لمصلحة أذرع النظام البائد”.

رفد للموازنة السنوية

تعود جميع الإيرادات الناتجة عن إيجارات الصالات إلى صندوق المؤسسة السورية للتجارة، ويتم إدراجها ضمن موازنتها السنوية لتغطية نفقاتها التشغيلية واللوجستية، فيما يتم تحويل الفائض إلى خزينة الدولة وفق القوانين المالية النافذة.

وذكر معاون المدير العام للمؤسسة السورية للتجارة، معاذ هنداوي، لعنب بلدي، أن المؤسسة وضعت خطة استثمارية واضحة تقوم على تصنيف العقارات إلى فئات، ووضع برنامج زمني للمزايدات بما يضمن عدم تضارب المواعيد، مع الاستفادة من قصص النجاح وتصحيح المسار عند الحاجة، لضمان تعظيم العائد وتحقيق الاستدامة.

وتمتلك المؤسسة السورية للتجارة نحو 1500 صالة موزعة في مختلف المحافظات السورية.

مشاركة المقال: