الثلاثاء, 11 نوفمبر 2025 01:40 PM

المرحلة الثانية في غزة: من سيتحمل مسؤولية نزع سلاح حماس؟

المرحلة الثانية في غزة: من سيتحمل مسؤولية نزع سلاح حماس؟

بقلم: يحيى دبوق

على الرغم من أن المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة لم تبدأ بعد، إلا أن مؤشراتها تظهر بوضوح. تعمل الولايات المتحدة، بالتعاون مع إسرائيل، في الأيام الأخيرة على تفاهمات أولية مع حركة «حماس» – عبر القناة التركية – بهدف حل معضلة مقاتلي الحركة المحاصرين في أنفاق رفح، مقابل استلام إسرائيل جثة الضابط التي كانت لا تزال في غزة منذ مواجهات عام 2014.

على الرغم من تسليم جثة الضابط هادار غولدين، لم تتوصل تل أبيب إلى «صيغة ما» لتنفيذ التزاماتها بموجب الصفقة، وتأمين إجراءات الخروج الآمن لحوالي 200 مقاتل من الحركة، سواء إلى مصر أو عبرها، أو إلى مدينة غزة نفسها، دون أن يظهر ذلك وجود «مقايضة مباشرة» بين القضيتين.

لا يُعد الترتيب المشار إليه جزءاً من «المرحلة الثانية»، لكنه أحد شروطها المسبقة. فك الارتباط بين الملفين الإنساني (الأسرى والجثث) والأمني السياسي، سيفتح المجال أمام مفاوضات «أكثر تعقيداً» – بحسب التعبيرات العبرية – حول من سيتولى فعلياً تفكيك البنية العسكرية لـ«حماس»، ومن سيدير قطاع غزة لاحقاً، وماذا سيحل بالسلاح الذي لن يُسلَّم طواعية، وأيضاً، وهو الأهم، ماهية «القوة الدولية» التي لم تحدد بعد هويتها ولا صلاحياتها، ولا حتى وجودها المادي وما هو متوقع منها، وفق الخطة.

على أن تلك المهام ربما تكون شبه مستحيلة، باعتبار أن مصادرة السلاح، وهدم البنية التنظيمية لـ«حماس»، يعنيان بشكل أو بآخر التصادم المباشر مع الحركة.

في خضم ذلك، تأتي زيارة المبعوثين الأميركيين، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، إلى إسرائيل، حيث اجتمع الأول إلى نتنياهو، أمس، في «الغرف المغلقة»، ليس بهدف فتح مسار جديد، بل لدفع تل أبيب، كما يبدو، إلى المضي قدماً في ما وافقت عليه سراً وتنكره علناً، والمتعلق بإنهاء عقبة ميدانية تحول دون مباشرة المرحلة الثانية من خطة ترامب.

النائب «الليكودي»، عميت هاليفي، أطل في اليوم نفسه عبر الإذاعة العبرية (103FM)، ليذكر الجمهور الإسرائيلي بلهجة لا لبس فيها، بأنه «لا توجد هدايا بالمجان»، ويؤكد، وفقاً لمعطياته، أن حركة «حماس» «أعادت بناء الأنفاق بسرعة خيالية في أثناء أسبوعين فقط»، وأن من سماه «المخلوق الذي يشتهي قطع الرؤوس، لم يتغير أبداً»، في إشارة إلى الحركة، مضيفاً: «لا أحد سيفعل هذا من أجلنا: لا الأميركيون ولا الآذربيجانيون ولا الباكستانيون».

إذا كانت «المرحلة الثانية» ستبدأ رسمياً، يظل صعباً تصور أنها ستفضي إلى نتائج.

الواقع أن تصريحاً كهذا، وفي لحظة دبلوماسية تجلت في زيارة المبعوثين الأميركيين، لا يقرأ كرد فعل شخصي، بل كإشارة داخلية إسرائيلية واضحة، مفادها أن التفاهم بخصوص المقاتلين المحاصرين قد ينفذ وإن بصعوبة، لكن الحديث عن المرحلة الثانية، التي يفترض أن تفضي إلى «غزة منزوعة السلاح تحت إدارة مدنية»، هو مجرد «حبر على الورق».

لربما تلخص هذه المقاربة هواجس إسرائيل الحقيقية إزاء خطة ترامب. فالأخيرة تبدو كتصور بأهداف طموحة، لكن من دون تفاصيل ومن دون خريطة طريق قابلة للتنفيذ، وهو ما يجبر الإدارة الأميركية، عملياً، على تحويل الديبلوماسية إلى إدارة يومية عبر زيارات مكوكية وضغوط متكررة، لا توجه إلى «الخصم» فحسب، بل والأهم إلى الحليف نفسه.

لكن إذا كانت مسألة تفصيلية ميدانية محدودة كمسألة محاصري رفح، لا تمس وجود «حماس» أو سلاحها، تعجز إسرائيل عن الاعتراف بها علناً، فكيف يمكن تخيل حل لأي من معضلات المرحلة الثانية، وعلى رأسها هوية الطرف المستعد لدفع الثمن البشري والسياسي والمعنوي لإنجاز مهمة نزع سلاح «حماس»؟

في حين تسارع العواصم إلى إعلان الدعم لـ«إعادة الإعمار» ولـ«قوة استقرار دولية»، تبقى آلية تحقيق ما يسمى «الاستقرار الدائم» معلقة على فراغ تنفيذي، رغم اتفاق كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول خليجية كبرى، على ذلك الهدف. أما مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن، ومهما بدا طموحاً في العناوين، لكنه ينتج «إحساساً بالتقدم»، من دون أن يقدم أي إجابة على أي عقدة جوهرية؛ أي أنه يشرع الغاية ويتهرب من الوسيلة.

في المحصلة، تبقى الحقيقة الميدانية هي الأقوى: استحصلت إسرائيل عملياً على نحو 50% من مساحة القطاع، إما عبر السيطرة المباشرة، أو السيطرة بالنيران عن بعد، في حين لا تزال «حماس» تمسك بما تبقى. قد تحسن المفاوضات هذا التوازن هنا أو هناك، لكن ما لم تحصل عليه إسرائيل عبر الحرب، أي تفكيك البنية العسكرية للحركة، من الصعب جداً تخيل حصولها عليه عبر مسارات سياسية، توكل إلى جهة ثالثة.

أخبار سوريا الوطن١- الأخبار

مشاركة المقال: