الثلاثاء, 8 يوليو 2025 12:57 AM

المنتدى الاجتماعي بدمشق: 65 عامًا من العطاء الثقافي المستمر

المنتدى الاجتماعي بدمشق: 65 عامًا من العطاء الثقافي المستمر

دمشق-سانا: يُعتبر المنتدى الاجتماعي في دمشق، الذي أسسه المحامي الراحل مأمون الطباع قبل خمسة وستين عامًا، دعامة أساسية للثقافة الأهلية. لقد تم إنشاؤه ليكون مركزًا فكريًا وفنيًا واجتماعيًا يساهم في إثراء المشهد الثقافي ودعم الحراك الفكري في سوريا بشكل عام، وفي دمشق على وجه الخصوص.

يواصل المنتدى الاجتماعي في دمشق مسيرته اليوم، متنفسًا في فضاء من الحرية الثقافية غير المسبوقة بعد عقود من الرقابة الأمنية المشددة التي أعاقت نشاطه.

أوضحت الدكتورة سحر سعيد، رئيسة مجلس إدارة المنتدى، في تصريح لـ سانا الثقافية، أن المنتدى الذي تأسس عام 1960، توقف عن العمل عام 1973 بسبب ظروف الحرب، حيث استُخدم مقره كمستودع حكومي. ثم أُعيد افتتاحه بعد 27 عامًا بمبادرة من مثقفين وناشطين يؤمنون بأهمية استمراره كمؤسسة ثقافية أهلية مستقلة.

وأشارت سعيد إلى أن المنتدى استضاف منذ بداياته عددًا من رموز الفكر والثقافة في سوريا، من بينهم: صادق جلال العظم، الطيب تيزيني، أحمد برقاوي، كوليت خوري، سلمى الكزبري، وفراس السواح. وأكدت أن المنتدى حافظ على هويته الفكرية رغم الضغوط التي واجهها.

حرية بعد تضييق

تطرقت سعيد إلى التحول في مناخ العمل الثقافي، موضحة أن الفعاليات الثقافية كانت تخضع لرقابة صارمة من قبل الأجهزة الأمنية خلال فترة حكم النظام البائد، حيث كان يُفرض على المنتدى استقبال عناصر أمن يحضرون المحاضرات ويسجلون ما يُقال.

رجال أمن لا يعرفون القراءة!

وتابعت سعيد: "أحيانًا كانوا يرسلون إلينا مخبرين لا يجيدون الكتابة أو فهم المحتوى الثقافي، ويطلبون منا أن نكتب لهم ملخصًا عما قيل، وهو ما كان يمثل إهانة مباشرة للعمل الثقافي." وأشارت إلى أن بعض الفعاليات كانت تُلغى أو يُمنع بعض الضيوف من الحضور، فقط لأن الجهات الرسمية كانت غير راضية عنهم، مضيفة: "تخيل أن يُطلب منا إلغاء استضافة مفكر بحجم الطيب تيزيني، المصنف عالميًا، لمجرد أن نظام الأسد لم يكن يرتاح لآرائه. كنا نضطر أحيانًا لتقديم التبريرات، أو الالتفاف على الممنوعات، فقط لنحافظ على استمرارية النشاط".

وقالت سعيد: "إن الوضع تغير تمامًا بعد التحول السياسي، وبتنا اليوم نعمل براحة وحرية، لا أحد يتدخل، ولا أحد يسأل عن الضيف أو عن ماذا نتحدث. أصبحنا نضبط أنفسنا ذاتيًا وفق احترام المجتمع وخصوصيته، دون رقابة خارجية، وهذا إنجاز لم نكن نحلم به قبل سنوات."

نشاطات مستمرة

وأكدت سعيد استمرار الفعاليات الثقافية في المنتدى كالمحاضرات، والندوات، والحفلات الموسيقية، وتدريبات الموسيقا، وورشات الرسم للصغار والكبار، إضافة إلى أنشطة تستهدف الشباب تربطهم بالثقافة والفنون بطريقة معاصرة.

مطلب تنظيمي قديم

وأعربت سعيد عن أملها بنقل تبعية المنتدى من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى وزارة الثقافة، وقالت: "نحن جمعية ثقافية بحتة، لكننا ما زلنا مصنفين كجمعية خيرية، ونتلقى مراسلات تسأل عن الأسر التي نخدمها. طالبنا منذ أكثر من 20 عامًا بهذا التعديل، ونتمنى أن تتم الاستجابة لمطلبنا القديم الآن."

المنتدى الاجتماعي ليس فقط من أقدم المبادرات الثقافية الأهلية الباقية في دمشق، بل هو أيضًا نموذج للعمل الثقافي المستقل، المعتمد على التطوع والمجتمع المحلي، بعيدًا عن التمويل الحزبي أو الربحي.

مشاركة المقال: