يشهد القطاع المصرفي في سوريا تراجعاً ملحوظاً على مدار الأعوام الماضية نتيجة لعدة عوامل معقدة، أبرزها العقوبات الاقتصادية التي تفاقمت مع صدور "قانون قيصر". يعاني العديد من البنوك السورية، مثل المصرف التجاري السوري، من آثار العقوبات منذ عقود، مما أدى إلى تقليص قدرة القطاع المصرفي على التفاعل مع المؤسسات المالية الدولية، وأثر سلباً على مواكبته للتطورات المصرفية العالمية، بما في ذلك الأنظمة الإلكترونية وعمليات الشمول المالي.
تزايدت المشاكل بسبب القروض المتعثرة التي تشكل عبئاً إضافياً على المصارف السورية، خاصة مع تدهور قيمة الليرة السورية. كما أن السياسات النقدية التي اتبعها مصرف سوريا المركزي منذ عام 2011، والتي ازدادت تشدداً في السنوات الأخيرة، كان لها دور كبير في تشديد القيود على القطاع المصرفي، مما أفقده القدرة على التفاعل مع المتغيرات الاقتصادية العالمية بشكل فعال.
يرى الخبراء الاقتصاديون أن الحل الوحيد للنهوض بالاقتصاد السوري يكمن في إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي، سواء للمصارف العامة أو الخاصة، مع التركيز أولاً على إصلاح مصرف سوريا المركزي الذي يعتبر محور السياسة النقدية في البلاد. ويتطلب الأمر إعادة النظر في التشريعات الخاصة بالمصرف المركزي لضمان استقلاليته وقدرته على تطبيق سياسات نقدية تتناسب مع احتياجات الاقتصاد السوري في مرحلة إعادة الإعمار.
يشير الخبراء إلى ضرورة التخلص من السياسات النقدية التي اعتمدت على تثبيت سعر الليرة السورية، والتي أثرت سلباً على عجلة الإنتاج والاستثمارات، وسببت هجرة العديد من رجال الأعمال والكفاءات، بالإضافة إلى إغلاق العديد من المصانع والشركات.
مع تعيين عبدالقادر حصرية حاكماً جديداً لمصرف سوريا المركزي، يتطلع المتخصصون إلى مرحلة جديدة من السياسات النقدية التي تعيد للقطاع المصرفي دوره في دعم الاقتصاد، مع التركيز على تعزيز الإنتاجية والتجارة الخارجية، والتي تعتبر الأساس لاستقرار سعر الصرف وزيادة الاستثمارات. وبالرغم من التحديات الراهنة، فإن الأمل في تحسين الوضع الاقتصادي يتجدد مع التغييرات المحتملة في السياسات النقدية والاقتصادية التي تواكب مرحلة إعادة الإعمار.