السبت, 15 نوفمبر 2025 07:48 PM

باقات سيريتل و MTN الجديدة: هل تدفع أكثر لتحصل على خدمة أسوأ؟

باقات سيريتل و MTN الجديدة: هل تدفع أكثر لتحصل على خدمة أسوأ؟

أعلنت شركتا "سيريتل" و"إم تي إن" عن إطلاق 15 باقة جديدة وإلغاء جميع باقاتهما القديمة ابتداءً من يوم الجمعة الماضي، الأمر الذي أثار استياءً واسعاً بين المواطنين وتساؤلات حول سبب وجود شركتين تقدمان نفس الخدمات المتطابقة دون أي منافسة حقيقية.

تبدأ أسعار الباقات الجديدة من 24 ألف ليرة وتصل إلى 300 ألف ليرة سورية. وقد أدى إلغاء الباقات القديمة إلى فقدان المواطنين لبعض الميزات التي كانوا يستفيدون منها في الحالات الضرورية، مثل باقات الإنترنت بالساعات أو الباقات الليلية التي كانت توفر أحجام استخدام كبيرة بأسعار مخفضة.

على سبيل المثال، تبلغ تكلفة الباقة الأعلى سعراً 300 ألف ليرة سورية، وهي صالحة لمدة ثلاثة أشهر وتتضمن 2500 دقيقة مكالمات و2500 رسالة نصية و60 غيغابايت من الإنترنت. ترى الشركتان أن هذه الباقة مناسبة للاستهلاك العالي، وهو أمر قد يكون منطقياً بالنسبة للمكالمات والرسائل، ولكن 60 غيغابايت قد لا تكفي مستخدم الإنترنت اليومي لمدة شهر واحد، مما يعني أنه سيضطر إلى إعادة تفعيل الباقة في الأشهر التالية، وبالتالي تخصيص ثلث راتبه الشهري للإنترنت فقط.

وللمقارنة مع الأسعار العالمية التي يفضل المسؤولون الحكوميون ذكرها دائماً، فإن باقة 300 ألف ليرة سورية تعادل 25.4 دولار أمريكي أو 21.9 يورو بسعر الصرف الحالي. في المقابل، أرسل مراسلنا من محيط برج "إيفل" في "فرنسا" فاتورة لباقة إنترنت شهرية تتضمن مكالمات غير محدودة و60 غيغابايت من الإنترنت بسعر 8 يورو فقط، أي ما يعادل 109 آلاف ليرة سورية، وهو ما يقارب ثلث سعر الباقة السورية. وبالطبع، لا مجال للمقارنة بين جودة الشبكة في البلدين.

سرعان ما انتشرت دعوات لمقاطعة الشركتين احتجاجاً على الأسعار الجديدة وإلغاء الباقات القديمة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الدعوات ليست جديدة، حيث تعود بداياتها إلى عام 2011 للاحتجاج على الأسعار المرتفعة، عندما كان سعر دقيقة الاتصال الخليوي يبلغ حوالي 4 ليرات للخطوط لاحقة الدفع و6 ليرات للمسبقة الدفع.

إلا أن هذه الدعوات غالباً ما تفشل بسبب حاجة المستخدمين إلى الاتصال عبر الشبكتين الوحيدتين في البلاد، والاضطرار إلى استخدام خدمات الإنترنت التي تقدمها الشركتان، والرضوخ لأسعارهما مهما ارتفعت، نظراً لارتباط الكثير من الأعمال والمهن بالتواصل الهاتفي أو استخدام الإنترنت.

من جانب آخر، ركز أغلب المحتجين على المقارنة بين الأسعار المرتفعة لخدمات الشركتين وسوء هذه الخدمات. فعلى سبيل المثال، شبكة "فور جي"، كما تحب الشركتان تسميتها، غائبة تماماً عن الكثير من المناطق وسيئة جداً في مناطق أخرى، بما في ذلك بعض المناطق في وسط العاصمة "دمشق" أو وسط المدن السورية الأخرى، وليس فقط في الأرياف البعيدة التي لم تصل إليها هذه الشبكة بعد.

يثار تساؤل جدي حول سبب وجود شركتين للاتصالات باسمين مختلفين ولونين أحمر وأصفر للتمييز بينهما، في حين أن جميع خدمات الشركتين متطابقة بنسبة 100% وبالأسعار نفسها بنسبة 100%، وينحصر التنافس في سوء الخدمة فقط.

إن وجود شركة واحدة في السوق يعني احتكار الخدمة، ووجود أكثر من شركة يعني تلقائياً فتح باب المنافسة، ولكن الوضع في "سوريا" استثنائي بوجود شركتين وعدم وجود منافسة حقيقية.

وقد أصبح الحديث عن مشغل ثالث في "سوريا" مكرراً منذ عهد النظام السابق الذي لم يحقق وعده بإدخال مشغل ثالث. وفي شهر آب الماضي، أكد وزير الاتصالات الحالي أن الحكومة السورية ستطلق المشغل الثالث للاتصالات قبل نهاية العام الحالي بهدف تعزيز المنافسة ورفع جودة الخدمة للمواطنين.

ولكن إذا كان المشغل الثالث هو النسخة الثالثة من "سيريتل" و"إم تي إن" بنفس الخدمات والأسعار، فما الفائدة؟ وإذا كانت الحكومة حقاً تريد فتح باب المنافسة، فلماذا تلزم الشركتين بتقديم نفس الخدمات والأسعار؟.

هذه الأسئلة تحتاج إلى الكثير من الشفافية في الإجابة عنها، والجرأة في اتخاذ قرار فتح سوق الاتصالات جدياً للمنافسة ودخول الشركات الجديدة وتحقيق منافسة تخدم المواطن حين تتنافس الشركات على تقديم خدمات أفضل بأسعار أقل، وليس العكس كما يجري اليوم.

مشاركة المقال: