الخميس, 5 يونيو 2025 08:51 AM

بعد 14 عامًا: سوريا تحيي ذكرى "جمعة أطفال الحرية" وتطالب بالعدالة لضحايا مجزرة حماة

بعد 14 عامًا: سوريا تحيي ذكرى "جمعة أطفال الحرية" وتطالب بالعدالة لضحايا مجزرة حماة

تحل اليوم الذكرى الرابعة عشرة لمجزرة "جمعة أطفال الحرية"، التي ارتكبتها قوات النظام السوري السابق في 3 حزيران/يونيو 2011 بحق متظاهرين سلميين في مدينة حماة، والتي تعتبر من أبشع المجازر التي شهدتها بدايات الحراك الشعبي السوري.

وفقًا لتوثيقات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فتحت قوات الأمن التابعة لنظام الأسد السابق النار مباشرة على مظاهرة سلمية كانت متجهة إلى ساحة العاصي في حماة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 65 مدنيًا، بينهم 7 أطفال، وإصابة العشرات بجروح خطيرة. تميزت هذه المجزرة بالاستخدام المفرط للقوة المميتة ضد مواطنين عزل طالبوا بالحرية والكرامة الإنسانية.

تعتبر مجزرة "جمعة أطفال الحرية" جزءًا من سياسة قمعية ممنهجة اتبعها نظام الأسد السابق منذ بداية الحراك الشعبي في منتصف آذار/مارس 2011، بهدف ترهيب المتظاهرين وإخماد صوت الشعب المطالب بالإصلاح والتحول الديمقراطي، وذلك باستخدام الرصاص الحي، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، وفقًا للشبكة الحقوقية.

أفاد تقرير الشبكة السورية بأن عدد الضحايا المدنيين الذين قتلوا خلال الشهر الأول من الثورة (15 آذار/مارس - 15 نيسان/أبريل 2011) بلغ حوالي 277 شخصًا، بينما اعتُقل أكثر من 1437 مواطنًا. كما أكدت منظمات حقوقية دولية، مثل هيومن رايتس ووتش، أن الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

في تقرير نشرته هيومن رايتس ووتش في 1 حزيران/يونيو 2011، أكدت المنظمة أن القمع الدامي للمتظاهرين السلميين تجاوز كل حدود القانون الدولي والإنساني، مشيرة إلى وجود أدلة على تنسيق عسكري وأمني مركزي لإطلاق النار على المحتجين.

في 2 حزيران/يونيو 2011، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، أن ما لا يقل عن 70 شخصًا قتلوا في سوريا خلال الأسبوع الماضي نتيجة لقمع الاحتجاجات، داعيًا إلى وقف فوري للعنف ومحاسبة المسؤولين.

كانت "جمعة أطفال الحرية" جزءًا من سلسلة تظاهرات أسبوعية نُظمت في مختلف المحافظات السورية تحت شعارات تعكس مطالب الشعب السوري، وأصبح يوم الجمعة رمزًا للحراك الشعبي، حيث تلقى المتظاهرون الدعم من الداخل والخارج رغم مخاطر الموت والاعتقال.

بعد 14 عامًا على تلك المجزرة، لا تزال عائلات الضحايا تعيش وجع الفقدان دون تحقيق العدالة أو تقديم مرتكبي الجرائم إلى المحاكم. وتؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن إحياء ذكرى هذه المجازر ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا التزام قانوني يتطلبه مبدأ المساءلة الدولية، ويترتب عليه ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

ترى المنظمات الحقوقية أن تحقيق العدالة يشكل ركيزة أساسية لتحقيق السلام والاستقرار المستدام في سوريا، مشددة على ضرورة مواصلة الضغوط الدولية لإحالة ملف الانتهاكات في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، ودعم آليات التحقيق الدولية مثل لجنة التحقيق المعتمدة من الأمم المتحدة.

ما زالت مجزرة "جمعة أطفال الحرية" رمزًا لدموع الحرية ولضريبة الدم الباهظة التي دفعها الشعب السوري في سبيل الكرامة والعدالة. ومع مرور الزمن، يبقى الأمل معقودًا على أن تُكتب لهذه الجرائم نهاية تتمثل في المحاكم الدولية، وأن يُنفذ وعد العدالة، حتى لا تُنسى أسماء الضحايا، ولا تُطمس حقائق الجرائم التي ارتكبتها آلة القمع السورية بحق أطفال ونساء وشيوخ كانوا يحلمون بوطن حر ومستقل.

مشاركة المقال: