في خطوة مفاجئة، أعلن بنك HSBC البريطاني، عبر وحدته للخدمات المصرفية الخاصة في سويسرا، عن إنهاء علاقاته مع ما يزيد عن 1000 عميل من أصحاب الثروات في منطقة الشرق الأوسط.
وشملت قائمة الأثرياء الذين قرر البنك قطع التعامل معهم شخصيات من السعودية، ولبنان، وقطر، ومصر، وذلك في إطار خطة تهدف إلى تقليل تعاملات البنك مع العملاء الذين يعتبرهم "عاليو المخاطر".
ووفقًا لوكالة بلومبرج، بدأ البنك بالفعل في إبلاغ العملاء المعنيين، والذين يمتلك بعضهم ثروات تتجاوز 100 مليون دولار، مع التخطيط لإرسال خطابات رسمية خلال الأشهر القادمة لإغلاق الحسابات وتحويل الأموال إلى ولايات قضائية أخرى.
وكان البنك قد أوضح في بيان رسمي في أكتوبر 2024 أنه بصدد تنفيذ خطة لإعادة الهيكلة تهدف إلى تبسيط الهيكل التنظيمي والتركيز على الأسواق التي يتمتع فيها بميزة تنافسية.
وأشار البنك إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق استراتيجيته لتقليل المخاطر المرتبطة بحسابات حساسة، خاصة بعد سلسلة من التحقيقات التي أجرتها هيئة الرقابة المصرفية السويسرية FINMA، والتي كشفت عن قصور خطير في تطبيق معايير العناية الواجبة من قبل HSBC، خاصة في التعامل مع حسابات تعود لشخصيات سياسية بارزة.
وكشفت مصادر مطلعة أن القرار جاء على خلفية تحقيقات مكثفة أطلقتها السلطات السويسرية في يناير 2025، تتعلق بشبهات غسل أموال مرتبطة بحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وشقيقه رجا، حيث اتهم البنك بالإخفاق في التحقق من مصادر أكثر من 300 مليون دولار تم تحويلها بين لبنان وسويسرا خلال الفترة من 2002 إلى 2015.
وقد ألزمت FINMA البنك بمراجعة شاملة لجميع علاقاته عالية المخاطر، ومنعته من فتح حسابات جديدة لشخصيات سياسية بارزة حتى استكمال الإصلاحات.
أثار قرار HSBC ردود فعل واسعة في الأوساط المالية بالمنطقة العربية، حيث اعتبره البعض ضربة قوية لسمعة البنك في إدارة الثروات بالشرق الأوسط، بينما رأى محللون أن هذه الخطوة ستدفع العملاء المصريين والعرب إلى البحث عن ملاذات مصرفية بديلة في دبي أو سنغافورة.
تعتبر وحدة الخدمات المصرفية الخاصة في HSBC بسويسرا جزءًا من استراتيجية البنك العالمية لخدمة الأثرياء، حيث تدير أصولًا بمليارات الدولارات عبر مكاتب في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. ومع ذلك، واجهت الوحدة انتقادات متكررة بسبب فشلها في مكافحة غسل الأموال، حيث كشفت تحقيقات FINMA في يونيو 2024 عن تقصير البنك في التحقق من مصادر أموال مرتبطة بشخصيات سياسية بارزة.
تاريخيًا، ارتبط اسم HSBC بفضائح مالية متعددة، بما في ذلك تسوية بقيمة 192 مليون دولار مع السلطات الأمريكية عام 2019 بسبب تسهيل التهرب الضريبي، وغرامة قياسية بقيمة 1.9 مليار دولار عام 2012 لتورطه في غسل أموال مرتبطة بعصابات مخدرات مكسيكية. ألقت هذه الفضائح بظلالها على سمعة البنك، مما دفع FINMA إلى فرض رقابة مشددة على أنشطته في سويسرا.
المصدر: وكالات