الأحد, 28 سبتمبر 2025 11:43 PM

تأخر تسعيرة القطن يثير قلق المزارعين ويهدد مستقبل الزراعة في سوريا

تأخر تسعيرة القطن يثير قلق المزارعين ويهدد مستقبل الزراعة في سوريا

في ظل انتهاء موسم حصاد القطن في مختلف المحافظات السورية، يتأخر الإعلان الرسمي عن تسعيرة المحصول، مما يثير مخاوف المزارعين وينذر بتداعيات اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق.

يواجه الفلاحون حالة من عدم اليقين، حيث يبدأ موسم الحصاد دون معرفة ما إذا كانت الأسعار المعلنة ستغطي تكاليف الإنتاج أم ستكبدهم خسائر فادحة. هذا الغموض يدفع البعض إلى بيع محاصيلهم بأسعار زهيدة لتجار وسماسرة، لتأمين السيولة النقدية بأسرع وقت ممكن.

لا يقتصر تأثير هذا التأخير على الموسم الحالي، بل يمتد إلى قرارات الفلاحين المستقبلية. فمع تراجع الثقة بجدوى زراعة القطن، قد يتجه العديد منهم إلى محاصيل أخرى أقل تكلفة أو أسرع تسويقاً، مما يهدد إنتاجية "الذهب الأبيض" الذي كان يشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الزراعي والصناعي في سورية. كما أن الصناعات الوطنية المرتبطة بالقطن، مثل الغزل والنسيج والزيوت، قد تعاني من نقص في المادة الخام.

يخلق التأخير في التسعير فراغاً تستغله الأسواق غير الرسمية، حيث تتوسع ظاهرة البيع خارج الأطر الحكومية، وتفقد المؤسسات الرسمية دورها في ضبط السوق ودعم المنتجين. هذا الواقع يضعف قدرة وزارة الزراعة على التخطيط للمواسم القادمة ويؤثر في الأمن الاقتصادي الزراعي على المدى الطويل.

أوضح مدير الاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة الدكتور سعيد إبراهيم أن الوزارة عملت على جمع استبيانات من مختلف الجهات المعنية، بهدف الوصول إلى تقدير حقيقي للتسعير، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق السعرية لمستلزمات الإنتاج بين المحافظات. وأشار إبراهيم لصحيفة "الحرية" إلى أن الوزارة قدرت سعر الطن الواحد من القطن لهذا الموسم بحدود 7 ملايين إلى 7.2 ملايين ليرة سورية، وأن تثبيت التسعير النهائي هو من صلاحية وزارة الاقتصاد والصناعة. وذكر أن المساحة المزروعة بالقطن لهذا الموسم بلغت حوالي 33 ألف هكتار من أصل 50 ألف هكتار مخطط لها، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى حوالي مئة ألف طن.

إبراهيم: وزارة الزراعة قدرت سعر الطن الواحد من القطن لهذا الموسم بحدود 7 ملايين إلى 7.2 ملايين

الخبيرة في الزراعة والمحاصيل الحقلية الدكتورة انتصار الجباوي أكدت أن تأخير الإعلان عن تسعيرة القطن لا يمس فقط دخل الفلاح، بل يهدد ثقة المزارعين في العملية الزراعية برمتها. وأضافت أن الفلاح يحتاج إلى وضوح واستقرار في السياسات الزراعية، وأن التسعير المبكر قبل بدء الحصاد يعد خطوة أساسية في إدارة الموسم الزراعي. وبدون ذلك، يتحول القطن من محصول استراتيجي إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر.

الجباوي: تسعير القطن في الوقت المناسب ليس مجرد إجراء إداري بل سياسة زراعية واقتصادية بامتياز

ترى الجباوي أن هذه المعطيات تظهر أن تسعير القطن في الوقت المناسب ليس مجرد إجراء إداري، بل سياسة زراعية واقتصادية بامتياز، فالتوقيت عنصر حاسم في دعم المنتجين واستقرار الإنتاج وضمان استمرارهم في زراعة المحاصيل الاستراتيجية، ومن دون هذا الدعم، قد تجد سوريا نفسها أمام تراجع خطير في إنتاج أحد أهم محاصيلها التاريخية.

وبينت الجباوي لصحيفتنا "الحرية" أنه يمكن تفادي هذه التداعيات من خلال جملة من الحلول منها، إعلان التسعيرة قبل موسم الحصاد بثلاثة أشهر على الأقل لضمان وضوح الرؤية للفلاح، وربط السعر بتكاليف الإنتاج الحقيقية ومراعاة تقلبات أسعار السوق العالمية، بحيث يضمن الفلاح عائداً منصفاً، إضافة إلى اعتماد آلية مرنة للتسعير تسمح بالتعديل عند الحاجة، بما يتماشى مع الظروف الاقتصادية، إلى جانب تعزيز الشفافية والشراكة عبر إشراك اتحادات الفلاحين والباحثين الزراعيين في مناقشة آليات التسعير، فضلاً عن إيجاد قنوات تسويق بديلة منظمة تحد من تدخل السماسرة وتؤمن وصول القطن مباشرة إلى الصناعات الوطنية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: