الأربعاء, 19 نوفمبر 2025 08:15 PM

تحذير من التطبيقات الاحتيالية: أرباح وهمية وخسائر مدمرة في سوريا

تحذير من التطبيقات الاحتيالية: أرباح وهمية وخسائر مدمرة في سوريا

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا، وتراجع القدرة الشرائية، وغياب فرص العمل، وجد العديد من المواطنين أنفسهم يبحثون عن أي وسيلة لتأمين دخل إضافي. وقد استغلّت هذه الحاجة بانتشار تطبيقات ومنصات إلكترونية تدّعي تقديم "فرص استثمارية" و"أرباح سريعة"، لكنها في الواقع مجرد مخططات احتيالية تستغل اليأس الاقتصادي لتحقيق مكاسب مالية سريعة ثم الاختفاء، تاركة وراءها ضحايا وخسائر فادحة.

قمار رقمي

من بين هذه التطبيقات، برز مؤخراً في محافظة اللاذقية تطبيق "iChancy"، الذي يعتمد على مبدأ "الفرصة والحظ" في تحديد الأرباح. ورغم مظهره التقني الجذاب، إلا أن طريقة عمله تشبه أنشطة القمار، حيث يدفع المستخدمون مبالغ مالية مقابل احتمالات غير محددة أو مدروسة اقتصادياً، دون وجود أي نشاط إنتاجي حقيقي أو قيمة مضافة تبرر تلك الأرباح الموعودة.

أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور حسام خليلو أن هذه المنصات يمكن تصنيفها ضمن "المخططات الهرمية" أو "أنظمة بونزي"، التي تعتمد على تدفق مستمر للأموال من المشتركين الجدد لتغطية أرباح المشتركين القدامى. وأكد أنه بمجرد توقف تدفق المشتركين الجدد، ينهار النظام فجأة، ويختفي القائمون عليه ومعهم أموال المودعين.

وأشار الدكتور خليلو إلى أن خطورة هذه الظاهرة تكمن في أن العديد من المستخدمين لا يكتفون بالمبالغ الصغيرة، بل يلجأ بعضهم إلى بيع ممتلكاتهم أو رهن منازلهم طمعاً في عوائد خيالية، مما يحول الخسارة من قضية فردية إلى أزمة اجتماعية واسعة. وأضاف أن انتشار هذه التطبيقات مرتبط بالوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا، حيث يصبح الوعد بالربح السريع أكثر إغراءً من أي مشروع حقيقي.

المعالجة

أكد الدكتور خليلو أن المعالجة لا تقتصر على الجانب القانوني، بل تتطلب استراتيجية وطنية للتوعية المالية، تبدأ من المناهج التعليمية مروراً بالإعلام وتنتهي بتشريعات رادعة. وأضاف أن التقنيات الرقمية الحديثة قادرة على تجاوز الحدود، ولا يمكن مواجهتها إلا بإطار مؤسساتي منظم يوفر الحماية للمستهلكين ويكشف الخداع قبل تفشيه.

وشدد على أن الإعلام الاقتصادي يتحمل مسؤولية مضاعفة في تسليط الضوء على هذه الظواهر مبكراً، وعدم الاكتفاء بتغطية الكوارث بعد وقوعها.

التجارة الإلكترونية

في ختام حديثه، أوضح الدكتور خليلو أن أي مشروع يعد بعوائد مرتفعة وسريعة و"مضمونة" دون وجود نشاط إنتاجي حقيقي، هو مشروع مشبوه بطبيعته. وأضاف أن التطبيقات التي تقوم على الحظ أو الاحتمالات ليست سوى نسخ رقمية من القمار، بل أشد خطراً لأنها تتخفى خلف واجهات الاستثمار والتجارة الإلكترونية، مما يمنح الوهم مظهراً شرعياً مضللاً.

وختم قائلاً إن إنقاذ المجتمع من هذه الموجة الاحتيالية يبدأ من بناء ثقافة مالية رشيدة، تحصن الأفراد من الوقوع في فخ "الربح السريع" وتعيد الاعتبار إلى قيم العمل والإنتاج كسبيل وحيد ومستدام للنهوض الاقتصادي.

مشاركة المقال: