يجذب متحف قطر الوطني، الأكبر في البلاد، أنظار زواره بتصميمه البديع المستوحى من وردة الصحراء النادرة، حيث تتشابك الأقراص المنحنية لتوفير ظلال طبيعية وإيحاء بتصميم عربي فريد. منذ افتتاحه قبل نحو 6 سنوات، يجمع المتحف بين التراث والتاريخ والثقافة، مستحضراً نمط حياة الشعب القطري بين البحر والصحراء.
زارت الأناضول هذا الصرح المعماري المذهل، الذي افتتحه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مارس/ آذار 2019، ولاحظت الانبهار الذي يرتسم على وجوه الزوار بتصميم المتحف الفريد المستوحى من "وردة الصحراء"، أو ما يعرف محلياً بـ "قحوف الرمل".
وردة الصحراء: أيقونة نادرة
على الرغم من اسمها، تتشكل "قحوف الرمل" من الحجارة الجيرية وتظهر من تحت سطح الأرض، دالة على وجود المياه الجوفية. وهي اسم عام لمجموعة المعادن الموجودة تحت رمال الصحراء وأكاسيد المعادن، والتي تكوّن تشكيلاً بلوريا جيولوجيا مؤلفا من الجبس وحبيبات الرمل. ينتج هذا التشكل بفعل تبخّر المياه من السبخات الملحية الضحلة الممتدة على الجبس، ليصنع أشكالًا تشبه الورود، وتستغرق هذه العملية عقودًا من الزمن.
أصبحت "وردة الصحراء"، نظرًا لندرتها وأهميتها، أحد أبرز الأيقونات المعبرة عن التراث القطري، والأساس الذي استوحي منه تصميم المتحف.
تصميم بديع
يُطل متحف قطر الوطني على جسر العاصمة الدوحة، وهو من تصميم المعماري الفرنسي البارز جان نوفيل. وقد راعى المصمم في بنائه عكس الإرث الثقافي والحضاري للجغرافيا القطرية من خلال ظاهرة "وردة الصحراء" بأشكالها البلورية التي تشبه التفاصيل المعمارية الصغيرة، والتي تخرج من الأرض وتتشكل بفعل اجتماع الرياح مع المياه المالحة والرمال.
أراد المصمّم أن تأخذ هذه التحفة المعمارية شكل الأقراص المتشابكة المستلهَمة من وردة الصحراء، والتي تستحضر نمط حياة الشعب القطري بين البحر والصحراء.
حاصد الجوائز
في 10 مارس/ آذار 2022، حاز متحف قطر الوطني على جائزة التفاحة الخضراء الدولية للمباني الجميلة لعام 2022، التي تنظمها المنظمة الخضراء، وهي مجموعة بيئية دولية غير ربحية، وفق وكالة الأنباء القطرية الرسمية "قنا".
تعد أقراص المتحف المنحنية والمتشابكة التي توفر ظلالًا طبيعية، بين عناصر التصميم التي نال المتحف عقب افتتاحه من أجلها شهادة "الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة ليد الفئة الذهبية". وحاز أيضاً شهادة "4 نجوم" من نظام تقييم الاستدامة العالمي "جي إس أيه إس"، ليكون بذلك أول متحف وطني على مستوى العالم يحقق هذه التصنيفات المتقدمة. كما حاز المتحف في مارس 2020 على جائزتين في النسخة السادسة من جوائز شبكة "الوجهات الثقافية الرائدة" المعروفة باسم "أوسكار المتاحف" في حفل أقيم في العاصمة الألمانية برلين.
امتداد تاريخي
يشيّد المتحف حول القصر القديم للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني (ثالث حاكم لقطر 1880 - 1957)، وكان يُستخدم في السابق مسكنًا للعائلة الحاكمة ومقرًا للحكومة لمدة 25 عامًا، ثم تحوّل لاحقًا لمتحف قطر الوطني القديم.
يقع مبنى المتحف على مساحة حوالي 140 ألف متر مربع على الطرف الجنوبي من جسر الدوحة، وأول معلم يراه المسافرون القادمون من مطار حمد الدولي. ويتكون المتحف من 11 قاعة صممت لتكون أشبه برحلة معبرة عن أزمنة مختلفة، إثراء لتجربة عبور الزوار من زمن إلى آخر، من الماضي إلى الحاضر وإلى المستقبل المتخيل، وفقا لتسلسل زمني ابتداء بالفترة التي سبقت تحول شبه الجزيرة القطرية إلى منطقة مأهولة بالسكان وحتى الوقت الحالي.
تتميز كل صالة بشخصيتها المستقلة وبيئتها المتكاملة، وتروي كل واحدة منها فصلًا من فصول قصة قطر عبر مزيج من وسائل تتنوع بين الموسيقى والشعر والمرويات التاريخية والروائح المثيرة للذكريات والأعمال الفنية المصمّمة خصيصًا للعرض في المتحف. وتحتوي صالات العرض على مجموعة مذهلة من المقتنيات الأثرية والتراثية، بينها سجادة بارودة الشهيرة المصنوعة من اللؤلؤ التي صمّمت عام 1865، والمُطرّزة بأكثر من 1.5 مليون لؤلؤة خليجية عالية الجودة ومزينة بالزمرد والماس والياقوت، إلى جانب المخطوطات والوثائق والصور والجواهر والأزياء.
الأناضول