نقلت صحيفة “إندبندنت عربية” عن مصادر سورية وأميركية أن الولايات المتحدة بصدد توقيع اتفاق مع دمشق يضفي شرعية على وجودها العسكري في سوريا، مع تعديل خريطة الانتشار الحالية.
يأتي ذلك بعد إعلان شبكة “فوكس نيوز” عن سحب واشنطن لربع قواتها تقريبا من سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، وإغلاق قاعدتين عسكريتين في دير الزور، وتسليم قاعدة ثالثة لقوات قسد.
تشير التقارير إلى تحول جذري في السياسة الأميركية بسوريا، من انتشار عسكري تعتبره دمشق غير شرعي، إلى تفاهم سياسي وعسكري جديد مع الحكومة السورية. ويتضمن هذا التفاهم ترسيما جديدا للوجود الأميركي يستند إلى اتفاق رسمي، وتخليا تدريجيا عن مناطق النفوذ في الشمال الشرقي، مقابل شراكة استراتيجية محدودة جغرافيا ولكنها موسعة سياسيا واقتصاديا.
أفاد “مصدر أمني سوري” بأن وفدا عسكريا أميركيا رفيع المستوى سيزور دمشق قريبا لتوقيع اتفاق بشأن القواعد العسكرية الأميركية، ما يضفي شرعية على الوجود الأميركي بموافقة الحكومة السورية.
وبحسب المصدر، ستخلي القوات الأميركية جميع قواعدها في شمال شرق سوريا، مع عدم وجود عسكري أميركي في المستقبل في دير الزور أو الرقة أو الحسكة، باستثناء قاعدة التنف الواقعة عند المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق.
يرى المصدر أن هذا الاتفاق، حال إبرامه، سيكون الأول من نوعه منذ عقود، ويمثل تحولا في العلاقات السورية الأميركية بعد لقاء الرئيسين ترمب والشرع في الرياض.
من جانبه، صرح العضو الجمهوري في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان بأن الولايات المتحدة تعمل على تقليص قواتها في سوريا بعد نجاح التحالف الدولي في محاربة تنظيم الدولة. وأضاف أن الحكومة السورية الجديدة قد تكون صديقة للولايات المتحدة، مشيرا إلى زيارته لسوريا لنقل ما رآه إلى المواطنين الأميركيين.
أكد ستوتزمان أن ترمب التقى بالرئيس الشرع وأعلن رفع العقوبات عن سوريا، معتبرا ذلك فرصة لإعادة بناء البلاد، وأن الكونغرس يعمل على إلغاء قانون قيصر.
المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية مايكل ميتشل، أوضح أن الولايات المتحدة تسعى لبدء عصر جديد من العلاقات مع سوريا، مبني على التعاون والشراكة. وأشار إلى أن الانسحاب الجزئي بدأ بالفعل، لكن الانسحاب الكامل سابق لأوانه، نظرا للإنجازات التي حققها الجيش الأميركي في مكافحة الإرهاب، والقلق من عودة تنظيم الدولة.
يعود بقاء القوات الأميركية في قاعدة التنف لسببين رئيسيين: مواصلة محاربة تنظيم الدولة، ومراقبة حركة الميليشيات الموالية لإيران وقطع خطوط الإمداد التي قد تستخدمها طهران لتهريب الأسلحة. ويعتبر هذا الاتفاق تحولا جذريا في فلسفة الوجود الأميركي في سوريا من الردع العسكري إلى الشراكة الأمنية والسياسية والاقتصادية.
يرى محللون أن سياسة إدارة ترمب تهدف إلى خفض الكلفة العسكرية وإعادة توزيع الموارد، وهو ما يفسر التغيرات الحاصلة.