أعلنت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء عن تخفيض سعر الكيلو واط الساعي للخطوط الكهربائية المعفاة جزئياً أو كلياً من التقنين، ليصل إلى 1500 ليرة سورية دون الرسوم، بعد أن كان بحدود 2375 ليرة مع الرسوم، أي بانخفاض نسبته نحو 21%.
القرار، الذي جاء استجابة لمطالب متكررة من قطاع الأعمال خلال السنوات الماضية، لاقى ترحيباً من عدد من الفعاليات الاقتصادية، كخطوة أولى في الاتجاه الصحيح نحو دعم الإنتاج المحلي، وتحفيز الاستثمار، وتقليص كلف التشغيل، في ظل واقع اقتصادي ضاغط.
الخبير الاقتصادي “فادي عياش” قال أن تخفيض سعر الكهرباء للقطاعات الاقتصادية يُعد خطوة هامة جداً نحو تخفيض تكاليف التشغيل، وبالتالي المساهمة في استقرار الأسعار في الأسواق. ويرى “عياش” أن هذه الخطوة تخلق تأثيراً مزدوجاً على السوق، فمن جهة تُساهم في تحريك الطلب، ومن جهة أخرى تعزز قدرة العرض، عبر زيادة المعروض السلعي، وهو ما يُسهم في معالجة حالة الركود الاقتصادي التي يعانيها الاقتصاد السوري في المرحلة الراهنة.
هذا التخفيض يعزز القدرة التنافسية للإنتاج المحلي، سواء في تلبية الطلب المحلي أو في إحلال بدائل وطنية عن المنتجات المستوردة، كما يقول “عياش”، الأمر الذي يساهم في خفض فاتورة الاستيراد، وزيادة الصادرات السورية، وهو ما ينعكس إيجاباً على الميزان التجاري والموازنة العامة للدولة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن القرار يستهدف معظم القطاعات الإنتاجية، بما في ذلك الصناعية، الحرفية، الزراعية، والسياحية وبنسبة جيدة بلغت 21%، ما يعتبر مؤشراً إيجابياً على تحول في فلسفة الدعم، بحيث يقدم الإنتاج على الجباية، حتى في ظل صعوبات السيولة التي تواجهها الدولة حالياً، وهذا يحسب للحكومة الجديدة.
في المقابل، يرى عدد من الصناعيين أن تخفيض الأسعار خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تزال غير كافية لتحقيق التنافسية المرجوة مقارنة بدول الجوار. الصناعي الحلبي “أسامة عجوم” اعتبر أن القرار “صحيح من حيث المبدأ”، خاصة مع تحسن قيمة الليرة السورية مؤخراً، مشيراً أن السعر الجديد لا يزال مرتفعاً نسبياً عند مقارنته بأسعار الكهرباء في بلدان المنطقة.
ويتفق معه في الرأي “تيسير دركلت”، رئيس لجنة العرقوب الصناعية ونائب رئيس القطاع الهندسي في غرفة صناعة حلب، الذي قدّم مقارنة مباشرة بين أسعار الكهرباء الصناعية في سوريا وعدد من الدول المجاورة، إذ بلغت 14 سنت للكيلو الواط الساعي في سوريا، و9 سنت في تركيا، و4 سنت في العراق، و6 سنت في الأردن.
ويأمل “دركلت” أن ينخفض سعر الكيلو واط في سوريا إلى ما بين 8 إلى 10 سنتات كحد أقصى، معتبراً أن هذا هو الحد الأدنى اللازم للوصول إلى بيئة إنتاج منافسة قادرة على اختراق الأسواق والتصدير بشكل فعّال.
مدير المدينة الصناعية في حسياء، “طلال زعيب”، قال أن القرار الجديد يساهم في إحداث تحول نوعي في واقع العمل الصناعي داخل المدينة، وينعكس بشكل مباشر على العملية الإنتاجية فيها، من خلال تمكين المنشآت الصناعية من تخفيض نفقاتها التشغيلية، وهو ما يفتح المجال أمامها لتوسيع خطوط الإنتاج، ورفع جودته، وتعزيز قدرتها التنافسية في السوقين المحلي والخارجي.
وأضاف “زعيب” أن مدينة حسياء الصناعية اليوم أمام مرحلة جديدة من النمو الصناعي الحقيقي، لاسيما مع التسهيلات المقدمة للمستثمرين، والتي تدفع باتجاه استدامة العمل الصناعي، وزيادة فرص العمل، وتحقيق نهضة إنتاجية متكاملة، معتبراً أن القرار يشكل رسالة ثقة للصناعيين تشجعهم على الاستثمار والتوسع.
وبالعموم يُنظر إلى تخفيض سعر الكهرباء للمنشآت الصناعية كإجراء إيجابي يساهم في خفض التكاليف وتحفيز الإنتاج، لكن استمرار دعم القطاع الصناعي يتطلب استكمال هذه الخطوات بسياسات أوسع تعزز التنافسية وتدعم استدامة النمو.