الجمعة, 22 أغسطس 2025 09:08 PM

تدهور الأوضاع الأمنية يعرقل عمل ممر "بصرى الشام" الإنساني إلى السويداء

تدهور الأوضاع الأمنية يعرقل عمل ممر "بصرى الشام" الإنساني إلى السويداء

تسببت الأحداث الأمنية المتفاقمة في تعطيل عمل ممر "بصرى الشام" الإنساني، الواقع على الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء. كان هذا الممر مخصصًا لإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية إلى السويداء، في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المحافظة، بما في ذلك الأحداث الدامية والطوق العسكري الذي تفرضه الحكومة السورية.

أسفرت هذه الأحداث عن خسائر بشرية ومادية، حيث قُتل مدنيون وتمت مصادرة آليات، بالإضافة إلى تسجيل حالات خطف استهدفت بعضها موظفين في منظمات دولية. وبعد إغلاق طريق دمشق-السويداء نتيجة للمعارك التي اندلعت بين القوات الحكومية ومسلحين من العشائر وفصائل محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، قام الهلال الأحمر السوري بافتتاح معبر إنساني من مدينة بصرى الشام التابعة إداريًا لمحافظة درعا. وقد عبرت من خلاله مئات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والصحية والأدوية والمحروقات إلى محافظة السويداء.

أشرف الهلال الأحمر والدفاع المدني السوري وقوى الأمن الداخلي على عمليات إجلاء عائلات من داخل السويداء عبر درعا وصولًا إلى دمشق. وشملت هذه العائلات أفرادًا من الطائفتين الدرزية والمسيحية، بالإضافة إلى أجانب مقيمين في المحافظة. كما تضمنت الإجراءات تسهيل دخول مدنيين من أبناء السويداء المقيمين في مدينتي جرمانا وصحنايا بريف دمشق، ذات الأغلبية الدرزية، إلى المحافظة عبر الممر الإنساني.

استهداف متزايد على الطريق

في 17 آب الحالي، استهدف مجهولون بالرصاص المباشر سيارة مدنية بالقرب من بلدة كحيل في ريف درعا الشرقي، على طريق دمشق-بصرى الشام، مما أدى إلى إصابة امرأة وطفلين كانوا برفقتها. وفي اليوم نفسه، استهدف مجهولون سيارة شحن تجارية على مفرق خربا على طريق بصرى الشام، ما أسفر عن مقتل سائق من مدينة دمشق. وفي 15 من الشهر نفسه، استهدف مجهولون حافلة ركاب مدنيين في بلدة كحيل، ما أدى إلى مقتل السيدة ندى عامر من سكان السويداء، وإصابة طفلها بجروح. وسبق ذلك بيومين اختطاف سبعة أشخاص بينهم موظفون في الهلال الأحمر السوري، أُفرج عنهم في 20 من آب الحالي.

خلفية التوترات المتصاعدة

تعود جذور الأحداث في السويداء إلى عمليات خطف متبادلة بين فصائل محلية وسكان من حي المقوس، الذي يقطنه البدو، في 12 تموز. تطورت التوترات إلى اشتباكات متبادلة استدعت تدخل الحكومة، وترافقت مع انتهاكات. انسحبت القوات الحكومية بعدها إثر استهداف إسرائيلي لنقاط تابعة لها في السويداء ودمشق. تلا ذلك انتهاكات من قبل الفصائل المحلية بحق البدو، ما أثار غضب العشائر التي أرسلت أرتالًا إلى السويداء. وبعد تكرار الحوادث على طريق بصرى الشام الدولي، غيّر الهلال الأحمر مسار القوافل إلى طريق بصر الحرير، إذ دخلت في 19 من آب قافلة مساعدات من معبر بصر الحرير، للمرة الأولى. ويُعد معبر بصرى الشام، المطل على قرية برد في السويداء، معبرًا مدنيًا لم يشهد اشتباكات، وخصص للعمليات الإنسانية فقط.

دوافع الاستهداف

أدت الأحداث في السويداء إلى احتقان طائفي، خصوصًا بعد تهجير آلاف من سكان البدو من قراهم في ريف المحافظة. ومع الشحن الطائفي، تنامت حالة من العداء بين الأطراف. الناشط حمزة فهيد، من سكان منطقة اللجاة المجاورة للسويداء، قال لعنب بلدي إن الانتهاكات التي ارتكبتها الفصائل المحلية الموالية لحكمت الهجري، ولّدت توترًا لدى سكان المنطقة. وأضاف أن عشرات العائلات من البدو في ريف درعا الشرقي ما زال لها أقارب، بينهم نساء، محتجزون لدى مجموعات تابعة للهجري، على حد وصفه. واعتبر فهيد أن الحل يكمن في دخول الدولة ومصادرة السلاح وتفكيك "المجموعات الخارجة عن القانون"، وهو الوصف الذي تطلقه الحكومة السورية على الفصائل المحلية في السويداء. من جانبه، قال الخبير العسكري العميد عبد الله الأسعد لعنب بلدي، إن تهجير البدو والانتهاكات ضدهم ولّدت حالة من الغضب انعكست على استهداف المساعدات وإجلاء المدنيين، ما أدى إلى فوضى أمنية. ورأى الأسعد أن الحل "الجذري" هو عودة البدو إلى قراهم وسيطرة الدولة على السويداء ومصادرة السلاح. وأضاف أن الحوادث على طريق بصرى الشام الدولي استهدفت حافلات مدنية أو تجارية، وبعضها سلك طرقًا فرعية، ما أدى إلى تعرضها لعمليات خطف وقتل، بينما القوافل التي ترافقها قوات الأمن السورية لم تُستهدف.

مشاركة المقال: