لا تزال الأحياء المتضررة في مدينة حمص تعاني من ضعف شديد في البنية التحتية، حيث لم تشهد تحسنًا ملحوظًا في خدمات الكهرباء والطرق وشبكات الصرف الصحي. ويؤكد سكان المدينة أن مناطق مثل البياضة والخالدية وشارع القاهرة قد شهدت دمارًا واسعًا نتيجة لقصف قوات النظام السابق وداعميه، وعلى رأسهم روسيا.
يقول إحسان أتاسي، أحد سكان مدينة حمص، في حديث لمنصة إخبارية: "الكهرباء ضعيفة جدًا في شارع القاهرة ومناطق الخالدية، وقد تعود المشكلة إلى المحولات القديمة أو الأسلاك غير المجددة، ولكن لا توجد أي مبادرات فعلية من الجهات المعنية لإصلاحها". ويضيف أن "الطرقات في هذه الأحياء ما زالت غير مؤهلة، والخدمات البلدية تكاد تكون غائبة".
على الرغم من انخفاض حركة المرور في المدينة مقارنة بفترات الذروة السابقة، وهو ما يُعزى إلى عودة بعض السكان إلى مناطقهم الأصلية بعد صيف 2025، فإن هذا التخفيف لم يصاحبه تحسين في جودة الخدمات الأساسية. بل إن الفجوة بين الأحياء المدمرة وغير المدمرة تتسع، إذ تتركز جهود الصيانة والتأهيل في مناطق لم تتضرر بشكل كبير خلال الحرب، بينما تُهمل المناطق التي دُمرت بالكامل، حسب الأتاسي.
ويشير الأتاسي إلى أن هذا التفاوت في توزيع الخدمات بدأ يولد تباينًا مجتمعيًا واضحًا، حيث يُنظر إلى سكان الأحياء المدمرة على أنهم "منسيون"، في مقابل وصف سكان الأحياء الأخرى بـ"المكوعين" أو "من هادن النظام"، بينما يُطلق على آخرين لقب "الوافدين" أو "النازحين"، ما يعكس تصدعًا في النسيج الاجتماعي لم يُعالج حتى الآن.
إلى ذلك، لم يُسجل أي تقدم ملموس في ملف تعويضات الأراضي التي استملكتها بلدية حمص عام 2004، والتي لم يُدفع عنها أي تعويض حتى اليوم. وفي الوقت نفسه، بدأت شركة "بوليفار" أعمالها في منطقة المصابغ، دون إصدار أي تصاريح رسمية من المحافظة أو وضوح حول آلية التعويض للمالكين الأصليين، ما أثار مخاوف إضافية بين السكان.
ويلفت أتاسي إلى أن "صندوق حمص"، الذي تم تشكيله رسميًا لدعم إعادة الإعمار، "يعاني من غياب كامل للشفافية، ولا توجد معلومات واضحة حول مصادره أو آلية إنفاقه"، مؤكدًا أن "العمل في المشاريع الحالية بطيء جدًا ولا يتناسب مع حجم الاحتياج".
من جهته، قال إياد رحال، عضو مجلس حي جب الجندلي، في حديث لمنصة إخبارية، إن الحارات المدمرة في حمص تحتاج إلى بنية تحتية جديدة على جميع الأصعدة، والسبب هو التخريب الممنهج الذي طال هذه الأحياء بهدف منع العودة إليها، وهو ما يدخل في نطاق التغيير الديموغرافي. وبسبب سوء وضع هذه الأحياء، يكاد لا يظهر أي أثر للخدمات المقدمة إليها.
وتابع: "أما عن الخطط الموضوعة، فلا شيء معروف على الأرض، بسبب العقوبات المفروضة على البلد، ولا أحد يغامر باستثمار أمواله فيها".
ومن أهم الأحياء المدمرة، حسب رحال: باب الدريب، كرم الزيتون، حي الرفاعي، النازحين، عشيرة البياضة، دير بعلبة، الخالدية، جورة الشياح، القصور، وادي السايح، القرابيص، الصفصاف، باب تدمر، جب الجندلي.
ويُبقي هذا الواقع علامات استفهام حول أولويات خطط إعادة الإعمار في حمص، وما إذا كانت تراعي العدالة في توزيع الموارد والخدمات بين جميع أحياء المدينة، خصوصًا تلك التي دُمّرت بالكامل وتحتاج إلى إعادة بناء شاملة، لا إلى حلول ترقيعية.