بقلم: شعبان عبود
يُعدّ دونالد ترامب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ السياسي الأميركي الحديث، لكنه بلا شك يُصنَّف كأحد القادة الذين غيّروا قواعد اللعبة على مستوى السياسة الدولية والاقتصاد. ما يميّز ترامب ليس فقط أسلوبه الخارج عن المألوف، بل أيضًا نظرته الواقعية والبراغماتية التي تُقدّم المصالح الأميركية الاقتصادية على أي اعتبارات أيديولوجية أو تحالفات تقليدية.
في عهده، أعاد ترامب تشكيل السياسة الخارجية الأميركية وفق منطق الصفقات، لا الشعارات. عقد صفقات مالية وتجارية ضخمة مع دول عربية وخليجية، بلغت قيمتها مئات المليارات من الدولارات، معتمدًا على لغة المصالح المباشرة. كما سعى لتقوية العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع دول مثل تركيا، رغم التحفظات والضغوط من حلفائه في الداخل، وربما اللوبي الإسرائيلي، الذي رأى في بعض تلك الانفتاحات تهديدًا لمصالح تل أبيب.
ترامب لم يُخفِ يوماً قناعته بأن العلاقة مع إسرائيل هي علاقة استراتيجية لكنه يؤمن ربما في باطنه ووفقا لمنطقه أن تلك العلاقة لا تجلب للولايات المتحدة سوى الكلفة والخسارة السياسية والمالية، دون مقابل ملموس. وعلى الرغم من دعمه الرمزي لإسرائيل في بعض الملفات، إلا أن سياساته الميدانية ركّزت غالبا على تعظيم الربح الأميركي وتقليل الأكلاف، حتى لو تطلّب الأمر تجاوز أو إعادة تقييم تلك العلاقات القديمة.
وعليه، فإن إسرائيل هي دولة مكلفة لأميركا وتستهلك من الخزانة الأميركية أكثر مما تضيف إليها كما الدول العربية.
تُظهر شخصية ترامب ملامح القائد الذي يرى العالم من خلال عدسة المال والنتائج، وليس الولاءات التاريخية والعاطفة. قد يختلف معه الكثيرون، لكن لا يمكن إنكار أنه استطاع أن يغيّر التاريخ بأسلوبه الخاص، وأن يفرض مفهوماً جديداً للقوة: القوة القائمة على الحسابات لا الأيديولوجيا والثقافة والأخلاق والقيم الديمقراطية وغيرها.