الأحد, 15 يونيو 2025 08:50 PM

تصاعد الاغتيالات في درعا: هل لتنظيم الدولة وإيران بصمات في الفوضى الأمنية؟

تصاعد الاغتيالات في درعا: هل لتنظيم الدولة وإيران بصمات في الفوضى الأمنية؟

عنب بلدي – محجوب الحشيش

تصاعدت حوادث الاغتيال في محافظة درعا جنوبي سوريا، واستهدفت مؤخرًا عناصر في قوى الأمن الداخلي وناشطين إعلاميين. كان أبرز هذه الحوادث استهداف دورية أمنية، في 12 من حزيران الحالي، على طريق مساكن جلين بعد خلاف مع قيادي سابق في “الجيش الحر”. وفي 10 من حزيران، قُتل عنصر من قوى الأمن الداخلي في بلدة حيط في ريف درعا الغربي، سبقها بأيام استهداف عنصرين على طريق مساكن جلين.

ووثقت عنب بلدي 15 عملية اغتيال ومحاولة اغتيال منذ مطلع حزيران الحالي، دون تبني أي جهة لعمليات الاغتيال المذكورة، حتى تاريخ إعداد هذا التقرير. ولم تقتصر عمليات الاغتيال على عناصر الأمن، إذ قُتل الناشط الإعلامي عبد الرحمن الحريري وشخص آخر كان برفقته، في 10 من حزيران الحالي.

سلاح منفلت وأطراف لها مصالحها

تراجعت وتيرة عمليات الاغتيال خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد سقوط نظام بشار الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، لكن سرعان ما عادت مستهدفة شخصيات قيادية وإعلامية ومتطوعين في قوى الأمن الداخلي. المحامي عاصم الزعبي المقيم في محافظة درعا، أرجع أسباب عودة حوادث الاغتيال لضعف القوة الأمنية في مختلف أنحاء المحافظة، وإلى وجود مجموعات تتبع لعدة جهات أبرزها الميليشيات الإيرانية، معتبرًا أنها صاحبة المصلحة الكبرى بضرب الاستقرار في المحافظة.

وقال المحامي لعنب بلدي، إن هناك إهمالًا وتراخيًا في نزع السلاح وعدم تفعيل المراكز الأمنية بالشكل اللازم في المحافظة. من جهته، الشيخ أحمد أبو دولة، وهو أحد وجهاء ريف درعا، أرجع عودة عمليات الاغتيال إلى ضعف جهاز الأمن الداخلي وتراخيه مع السكان وعدم جديته في تجريم حمل السلاح أو حتى سحبه من أيدي السكان وحصره فقط بيد الدولة.

وقال أبو دولة لعنب بلدي، إن بعض من كانوا من أصحاب السوابق أو من عناصر التنظيمات أو النظام أصبحوا ضمن جهاز الشرطة والجيش، وهذا يتطلب تطهير جهاز الأمن من “الشوائب” وتفعيل دوره، علمًا أنه حاصل على قبول وتفويض شعبي في ضبط الأمن. مساعد أول منشق عن قوات النظام وهو ضمن ملاك وزارة الدفاع حاليًا، قال لعنب بلدي، إن عمليات الاغتيال يقف خلفها تنظيم “الدولة الإسلامية” عبر خلايا بدأت بالعمل مؤخرًا ونشطت في استهداف عناصر الأمن.

ويترتب على الحكومة تفعيل جهاز استخبارات خاص في تتبع خلايا التنظيم ومحاربتهم قبل إعادة ترتيب أوراقهم وتجنيد عناصر جدد، ولا سيما في ظل تراجع فرص العمل وانتشار البطالة بين جيل الشباب، حسب قوله.

“لا فائدة منها في تقويض السلطة”

الباحث في الجماعات الدينية عبد الرحمن الحاج، يرى أن عمليات الاغتيال في الجنوب ليس لها فائدة إن كان تنظيم “الدولة الإسلامية” يريد تقويض سلطة الرئيس السوري، أحمد الشرع. ورجح الباحث، في حديث إلى عنب بلدي، أن يكون اغتيال قيادات سابقة في “الجيش الحر” بدرعا واغتيال عناصر في الأمن العام مؤشرًا على أنها جزء من ثارات قديمة بين الفصائل والمقاتلين، قد تغذيها أطراف أخرى مرتبطة بفلول النظام مثل “المجلس العسكري” في السويداء وبقايا “اللواء الثامن” في درعا.

وأضاف أن استهداف سلطة الشرع واستقرار حكمه لا يمكن أن يتم إلا في مراكز ممارسة السلطة، لذلك يحاول التنظيم النشاط في المراكز الحضرية التي تتركز في العاصمة والمدن الكبرى وشمال شرقي سوريا.

أحقاد وخلافات

سجلت مدينة الصنمين وحدها خمس عمليات اغتيال منذ مطلع حزيران الحالي، جراء اشتباكات حدثت على خلفية خلافات فصائلية بين مجموعات تتبع للقيادي محسن الهيمد التابع لـ”الأمن العسكري” ومجموعات تتبع للقيادي جمال اللباد التابع لـ”أمن الدولة”. إثر هذه الخلافات في 1 من حزيران الحالي، قُتل القيادي ماهر اللباد ونجله الطفل وبرفقته محمد سليم الشتار على يد ملثمين متهمين بتبعيتهم للقيادي محسن الهيمد، تبعتها اشتباكات بين المجموعات التي تتبع للباد مع عناصر تتبع للهيمد، وقتل على إثرها مدنيان بينهما طبيب.

وفي آذار الماضي، اقتحم الأمن العام مدينة الصنمين، وفكك مجموعة عسكرية يقودها محسن الهيمد، المتهم بتنفيذ عمليات اغتيال في المدينة، لكنه تمكن من الهرب. وفي كانون الثاني الماضي، حدثت مواجهات بين فصائل محلية، استدعت تدخل الأمن العام الذي فرض تهدئة وبدأ بسحب السلاح من الفصائل.

ما الحلول

المحامي عاصم الزعبي، يرى أن الحلول تكمن بوضع خطة أمنية لملاحقة أي مجموعات خارجة عن القانون ومحاسبتها، وتفعيل دور الأمن العام وإعطائه صلاحيات حقيقية، وتزويد الأمن العام بعناصر من خارج المحافظة للتخلص من العقلية العشائرية والمناطقية.

ومن الحلول، وفق الزعبي، إعادة تفعيل عمل القضاء بشكل واضح، معتبرًا أنه الأساس للحد من حوادث الاغتيالات أو تخفيفها بالحد الأدنى. الباحث الدكتور محمد العمار المقيم في درعا، يرى أن المخرج من دوامة الاغتيال هو انفتاح الحكومة على حواضن الثورة، وتسليم الأمن في كل منطقة إلى قيادييها من أبناء المنطقة.

وأضاف العمار، وهو ناشط في المجتمع المدني، أن الثورة أحدثت خلال السنوات الماضية خلافات عشائرية او فصائلية أو مالية ما زال المجتمع يعاني من ارتداداتها، وهي تُترجم بحوادث اغتيال متفرقة.

مشاركة المقال: