الإثنين, 11 أغسطس 2025 04:41 PM

تصاعد التوتر في العراق: ضغوط أمريكية وبريطانية تزيد من مخاطر انفجار الوضع بين الحكومة وكتائب حزب الله

تصاعد التوتر في العراق: ضغوط أمريكية وبريطانية تزيد من مخاطر انفجار الوضع بين الحكومة وكتائب حزب الله

تتصاعد الأزمة بين بغداد و«كتائب حزب الله» في ظل ضغوط أمريكية وبريطانية متزايدة، مما ينذر بتدهور الأوضاع السياسية والأمنية بسبب الخلافات حول مستقبل «الحشد الشعبي» ودوره في العراق.

يشهد التوتر بين حكومة محمد شياع السوداني و«كتائب حزب الله» تصعيداً ملحوظاً على خلفية أحداث مديرية زراعة الدورة في بغداد، مما يفتح الباب أمام احتمالات مواجهات سياسية وأمنية في المرحلة القادمة. وتتفاقم الأزمة مع تداخل ملف «حصر السلاح» والضغوط الأمريكية والبريطانية على الحكومة، مما يزيد من خطر الانزلاق نحو صراع داخلي.

في بيان شديد اللهجة، اتهمت «كتائب حزب الله» أطرافاً محلية بتنفيذ «مخططات الأعداء»، وأكدت تمسكها بانسحاب القوات الأجنبية من العراق بحلول أيلول 2025. وربطت الكتائب بين تصريح السفير البريطاني الأخير، الذي دعا إلى حلّ «الحشد الشعبي»، وبين ما اعتبرته «ضغوطاً» على لجنة التحقيق في حادثة الزراعة، مجددةً رفضها أن يكون «الخصم هو الحكم». وأشارت إلى أنّ أول ضحايا الحادثة كان من ألوية الحشد، إضافة إلى سقوط مدني وعنصر من الشرطة الاتحادية برصاص القوات الأمنية.

وكانت تقارير إعلامية قد نقلت عن السفير البريطاني، عرفان صديق، قوله، في مقابلات تلفزيونية ومناسبات عامة، إنّ «الاستحقاق الأمني بعد هزيمة داعش يفتح نقاشاً حول دور الحشد الشعبي في المستقبل، وإنّ الحاجة إلى وضعيات الحرب قد اختلفت». وأثار ذلك ردود فعل حادّة طالبت بوقف ما وصفته بـ«التدخّل في الشأن الداخلي العراقي»، في حين ردّت وزارة الخارجية العراقية باستدعاء السفير البريطاني وتبليغه اعتراضها الرسمي، معتبرة أنّ تصريحاته «تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية وتتعدّى على الشأن الداخلي للعراق»، داعية إلى التزام التواصل البنّاء والامتناع عن التصريحات المماثلة.

وبالعودة إلى تبادل الاتهامات على الساحة العراقية، تحدّث السوداني عن وجود «خلل» في ملف القيادة والسيطرة داخل الحشد وأعفى آمرَي لواءين تابعين للكتائب وأحالهما إلى القضاء، إلى جانب إحالة قائد عمليات الجزيرة إلى التحقيق، وفتح ملفات تقييم شاملة لتشكيلات الحشد. وتمثّل هذه القرارات، بحسب أوساط سياسية من بينها «ائتلاف دولة القانون»، خطوات تصعيدية قد تدفع نحو مواجهة مع فصائل المقاومة، في ظلّ ما وصفه القيادي حسين المالكي بـ«محاولات خارجية لإشعال صراع شيعي ـ شيعي». وحذّر المالكي من أنّ استمرار هذا المسار قد يعرقل الاستحقاق الانتخابي ويقود إلى سيناريوات من مثل حكومة طوارئ أو العودة إلى البند السابع.

«المعركة حول قانون الحشد ليست معركة تنظيمية فحسب، بل حلبة تنافس انتخابي وإقليمي»

أمّا الفصائل، فتباينت مواقفها بين مَن أكّد أنّ الحشد والمقاومة «جزء لا يتجزّأ من الدولة» وأنّ حصر السلاح يجب أن يستهدف «السلاح المنفلت» فحسب، كما فعلت «كتائب سيد الشهداء» التي شدّدت على أنّ أي إخفاقات فردية لا تمثّل توجّه الفصائل العام وبين مَن أعلن تأييده الكامل لإجراءات السوداني، مثلما ذهب إليه «لواء أنصار المرجعية» الذي أبدى استعداده لأن يكون أول لواء يخضع لعمليات تقييم وإعادة انتشار.

وإذ يعكس ذلك الشرخ الداخلي في بنية الحشد، يرى الباحث في الشؤون الإستراتيجية، علي نديم، أنّ ما يجري «ليس خلافاً عابراً على خلفية حادثة ميدانية، بل تعبير عن صراع أعمق حول موقع الحشد في المعادلة السياسية والأمنية بعد انتهاء الحرب على داعش». ويضيف أنّ «التصريحات الدولية، خصوصاً البريطانية والأميركية، تشكّل ضغطاً إضافياً على الحكومة، ما يجعل المواجهة مع فصائل بارزة مثل كتائب حزب الله مسألة وقت إذا لم يتمّ احتواء الأزمة».

ويؤكّد مصدر سياسي مطّلع، من جهته، أنّ «السوداني يسعى لإعادة ضبط إيقاع الحشد من الداخل من دون تفكيكه، لكن تصعيد الكتائب وردّها الحادّ يوحيان بأنّ مسار الاحتواء يزداد صعوبة»، مشيراً إلى احتمال «تصاعد الاشتباك السياسي وربما الميداني إذا أصرّ الطرفان على مواقفهما، خصوصاً في ظلّ ارتباط الملف بحسابات انتخابية إقليمية ودولية».

ومن هنا، يشدّد مراقبون أنّ «على الدولة أن تثبت قدرتها على فرض القانون من دون تفجير الساحة الأمنية»، كما يقول الضابط المتقاعد ناصر الأسدي، مطالباً بمعالجة إخلالات القيادة والسيطرة داخل بعض تشكيلات الحشد عبر «تعزيز الآليات الرقابية والإدارية وليس الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة»، محذّراً من أنّ «أي تصعيد سيؤدّي إلى تراجع الدولة أمنياً وسياسياً».

كذلك، تنبّه تحليلات محلّية ودولية إلى أنّ تعديل وضع الحشد أو صياغة قانون جديد له سيقارب ملفات حسّاسة، من علاقات بغداد بواشنطن إلى الضغوط الأوروبية والبريطانية والمخاوف الإيرانية، وقد يؤثّر مباشرة في المشهد الانتخابي بفتح جبهات سياسية وشعبية جديدة أو تصعيدها. وفي هذا السياق، يرى الباحث في الشأن السياسي، حسين الركابي، أنّ «المعركة حول قانون الحشد ليست معركة تنظيمية فحسب، بل حلبة تنافس انتخابي وإقليمي؛ بعض الأطراف تراهن على إحراج السلطة الحالية لكسب أوراق انتخابية، في حين تسعى أخرى إلى استغلال الحادثة لترسيخ موضع نفوذها قبل الانتخابات»، متوقّعاً أنه «في حال تصاعد المواجهة، سيذهب ملف الانتخابات إلى الخلف ويظهر خطر تعطيل الاستحقاق».

مشاركة المقال: