الخميس, 4 سبتمبر 2025 02:25 AM

تصاعد التوتر في شرق سوريا: قسد تكثف عملياتها ضد داعش وسط اتهامات باستغلالها في المفاوضات مع دمشق

تصاعد التوتر في شرق سوريا: قسد تكثف عملياتها ضد داعش وسط اتهامات باستغلالها في المفاوضات مع دمشق

تشهد مناطق شرق وشمال سوريا تصعيداً ملحوظاً على الصعيدين السياسي والميداني. ففي الوقت الذي لم تسفر فيه الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات بين دمشق و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) عن نتائج ملموسة، عمدت أطراف كردية عدة إلى تصعيد خطابها السياسي تجاه دمشق. بالتوازي مع ذلك، نفذت «قسد» بالتعاون مع قوات التحالف الدولي عملية أمنية استهدفت ما وصفته بـ«إرهابي خطير» في تنظيم «داعش» في الرقة، بالإضافة إلى عملية عسكرية في شرق دير الزور، واعتقال عناصر يشتبه بانتمائهم لـ«داعش».

تأتي هذه العمليات وسط اتهامات لـ«قسد» باعتقال مدنيين واستغلال استهداف «داعش» لتعزيز موقفها التفاوضي مع الحكومة السورية. ونفذ التحالف الدولي، بدعم من «قسد»، عملية إنزال مروحي في بلدة «الشحيل» بريف دير الزور الشرقي، فجر الثلاثاء، حيث انتشرت قوات «قسد» بكثافة في حيي «الحاوي» و«الكتف»، مع تحليق مكثف للطيران الحربي والاستطلاعي. أسفرت العملية عن اعتقال العشرات، وبعد التحقق من هوياتهم، أُفرج عن عدد منهم مع الإبقاء على شخصين قبل انسحاب القوات إلى القاعدة الأميركية في حقل العمر.

وفي سياق متصل، سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 124 حالة اعتقال تعسفي خلال شهر أغسطس (آب) الماضي. وأشار تقرير نشرته الشبكة إلى توثيق 68 حالة، منها 59 حالة احتجاز تعسفي على يد «قسد»، بينهم 8 أطفال و5 سيدات، بالإضافة إلى 9 حالات على يد الحكومة السورية. وأوضح التقرير أن محافظة دير الزور سجلت العدد الأكبر من حالات الاعتقال التعسفي، تلتها محافظتا حلب والرقة، ثم محافظة الحسكة.

وفي سياق العمليات الأمنية، نفذت «قسد» عملية أمنية دقيقة بدعم من التحالف الدولي، أسفرت عن القبض على ما وصفته بـ«إرهابي خطير من خلايا (داعش) النائمة في مدينة الرقة»، وهو المدعو «أحمد المحمود»، المعروف أيضاً باسم «أبو منصور»، والمتهم بالتورط في تنفيذ سلسلة عمليات استهدفت نقاطاً عسكرية تابعة لكل من «قسد» وقوى الأمن الداخلي (الأسايش)، بالإضافة إلى شن هجمات ضد السيارات والمدنيين.

يذكر أنه وفي الثلاثين من أغسطس الماضي، نفذت «قسد» عمليتين أمنيتين ضد خلايا «داعش» في ريف دير الزور الشرقي، بمشاركة قوات التحالف الدولي براً وجواً، أسفرت عن اعتقال ثلاثة مسؤولين عن عمليات تفخيخ ضد القوات العسكرية في منطقة «الحوايج»، بالإضافة إلى اعتقال شخصين مشتبهاً بهما في قرية «الزر»، وفقاً لتقارير «قسد».

من جانبها، ذكرت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن «قسد» تحاول استغلال الحملات الأمنية التي تنفذها في مناطق سيطرتها ضد تنظيم «داعش» لتعزيز مطالبها في المفاوضات مع دمشق، وذلك من خلال تقديم نفسها كمؤسسة عسكرية خبيرة في محاربة «داعش» لا يمكن حلها ودمجها في مؤسسات وزارة الدفاع، بل يجب أن تكون مؤسسة ضمن مجلس عسكري يشكل نواة لتشكيل الجيش، وهو ما يتماشى مع مطالب قوات التحالف في محاربة «داعش».

إلا أن هذه الطروحات تواجه رفضاً من الجانب التركي ومعارضة من دمشق، ولم يتم إحراز تقدم واضح فيما يخص استئناف المفاوضات بين «قسد» ودمشق. وتشير التسريبات في دمشق إلى طرح الأكراد مطالب جديدة كحلول وسط، مثل الحصول على وزارة سيادية أو مواقع في مراكز القرار. ووفقاً للمصادر المتابعة في دمشق، فإن العملية التفاوضية لا تزال تراوح تحت وطأة تجاذبات الضغوط الإقليمية والدولية.

ولا يزال الخلاف حول طريقة دمج مؤسسات «قسد» مع مؤسسات الحكومة السورية يشكل العقبة الرئيسية أمام تنفيذ الاتفاق الذي نص على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز. وقد خاض الجانبان أربع جولات تفاوض في الحسكة ودمشق، لم تحقق أي نتائج.

وكان عضو القيادة العامة لـ«قسد»، سيبان حمو، قد صرح في تصريحات إعلامية بأنه يمكن إنشاء مجلس عسكري مشترك مع دمشق كخطوة أولى، مشيراً إلى أن «قسد» قادرة على بناء هيكلية جديدة للجيش السوري انطلاقاً من خبراتها السابقة في الحرب ضد «داعش»، ويمكن أن تصبح أساساً للجيش، محملاً دمشق مسؤولية فشل تطبيق اتفاق مارس (آذار)، ومعتبراً أن ما وصفه بـ«الاندماج الديمقراطي» هو أفضل طريقة لدمج «قسد» في الجيش.

كما أعلن عضو مجلس الرئاسة في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) صالح مسلم، أن حزبه لن يقبل بالعودة إلى نظام مركزي بالكامل في سوريا، وقال إن حل «قسد» أمر غير مقبول لأنها تمثل قوة الدفاع عن منطقتنا. وحذر «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) من عودة «داعش» إلى الواجهة بأسلوب أكثر خطورة ومرونة.

وأشار تقرير مصور بثته «مسد» عبر حسابها في «فيسبوك» إلى أن قوات «قسد» نفذت أكثر من ستين عملية ضد «داعش» منذ مطلع العام الحالي، شملت الرقة ودير الزور والحسكة، وأسفرت عن مقتل 6 من عناصره، واعتقال 64 عنصراً، بينهم ثلاثة قياديين، في المقابل شن «داعش» نحو 33 هجوماً أسفرت عن مقتل خمسة عناصر من «الأسايش».

* صحيفة الشرق الأوسط

مشاركة المقال: