يشهد الشمال السوري تصعيداً في الاحتجاجات، حيث أعلن معلمون في مناطق إدلب وريف حلب إضراباً شاملاً عن العمل، اعتباراً من صباح اليوم الأحد 9 تشرين الأول/نوفمبر 2025، تحت شعار "إضراب الكرامة".
يطالب المعلمون المحتجون بتحسين الأجور والظروف المعيشية والمهنية، بالإضافة إلى تلبية مطالب أخرى تتعلق بتوفير الخدمات اللوجستية الضرورية. يأتي هذا الإضراب في ظل حديث وزارة المالية السورية عن خطط لرفع رواتب العاملين في قطاعي التربية والصحة، وهي خطط لم يتم تفعيلها بعد، مع استمرار تأخر صرف الرواتب وغياب الشفافية والإجابات الواضحة على استفسارات المعلمين.
عائشة محمود عبيد، مدرسة في ثانوية بنات الأتارب بريف حلب الغربي، صرحت لقناة "حلب اليوم" بأنها انضمت للإضراب بسبب "الوضع الذي لا يطاق" نتيجة لضعف الرواتب والحوافز والخدمات اللوجستية. وأكد الأستاذ زيدان زيدان، مدرس اللغة الإنكليزية وعضو "تكتل معلمو سوريا الأحرار" في تفتناز بريف إدلب، على عدم إحراز أي تقدم في تعويض المواصلات أو زيادة الرواتب، مطالباً بإقالة الوزير ومعاونيه وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن تدهور العملية التعليمية في الشمال السوري.
وأشارت العبيد إلى أن نقص الكتب المدرسية يمثل مشكلة رئيسية، مما دفع بعض الأهالي إلى الامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، خاصة مع ارتفاع تكلفة نسخ الكتب إلى حوالي 800 ليرة تركية (نحو 19 دولاراً) لطلاب الثانوية. وأضافت أن الأجور المتدنية تضع ضغطاً مادياً ونفسياً كبيراً على المعلمين، مما يؤثر سلباً على قدرتهم على إعالة أسرهم وأداء واجباتهم التعليمية، متسائلة عن كيفية إمكانية تغطية نفقات الأسرة بمبلغ 130 دولاراً شهرياً.
كما أوضحت أن بعد المسافة بين سكن المعلمين ومدارسهم يضطرهم إلى استخدام المواصلات، التي تكلفهم حوالي 40 دولاراً شهرياً. وعلى الرغم من توجيه مديرية التربية في إدلب للسائقين بتقديم طلبات للحصول على بدل نقل وإعفاء المعلمين من دفع أجور المواصلات، إلا أن العبيد أكدت أن هذه الوعود لم تتحقق وأنها ما زالت تعتمد على مواردها الشخصية لتغطية تكاليف النقل.
وحول التصريحات المتعلقة برفع أجور المعلمين، وصفت العبيد ذلك بأنه "وعود في الهواء"، مشيرة إلى أن المعلمين يشترون حتى الأقلام على نفقتهم الخاصة، وأن المدارس تفتقر إلى الميزانيات المخصصة للإصلاح أو تقديم الخدمات. وأكدت أن التعليم في خطر ما لم يتم تدارك الوضع، حيث يعاني معظم الطلاب من نقص الكتب، ويعتمد البعض على النسخ المصورة أو الهواتف المحمولة، وحتى بعض المعلمين غير قادرين على نسخ الكتب بسبب تكلفتها.
وأضافت أن مديرية التربية في ريف حلب وعدت بتأمين الكتب، لكنها قدمت كمية محدودة جداً، على عكس توزيع الكتب بشكل كامل في المدينة، معربة عن استيائها من شعور المدرس بأنه لا يتمتع بأي حقوق وإنما "فقط واجبات".
من جانبه، لفت زيدان إلى أن من أسباب الإضراب "تدني المستوى المعيشي بشكل كبير بما لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي الموجود حاليا وارتفاع الأسعار بشكل جنوني في الفترة الأخيرة بحيث لا يكفي الراتب أكثر من أسبوع ما أدى إلى هجرة الكوادر من ذوي الخبرة من سلك التربية والتعليم وأدى إلى فراغ كبير لا يمكن ملؤه". وحذّر من تدهور العملية التعليمية في البلد بشكل عام مضيفا: "نحن لسنا ضد الدولة كما يروج البعض بل نحن مع تصحيح مسار التربية والتعليم الذي هو اللبنة الأساسية في بناء اي أمة".
كما انتقد "عدم وجود حصانة للمعلم وخاصة في الآونة الاخيرة حيث تعرض بعض المعلمين إلى اعتداءات كثيرة حيث كل التعاميم والقرارات التي تصدر هي حقيقة ضد المعلم مع فقدان نظام داخلي إلى الآن في المدارس، إضافة إلى ملف المفصولين حيث اعيد تعينيهم على اساس عقود لا تتجاوز 85 دولارا، ولم يتم تثبيتهم مع أنهم يملكون رقما ذاتيا في التربية". ومضى بالقول: "منذ ثلاث سنوات ونحن نسعى لحل المشكلة، وطرقنا كل الأبواب من مدير التربية إلى الوزير ورئيس الحكومة والإدارة السياسية وغيرهم ولكن لم نتلق سوى وعود لم يتحقق منها شيئ".
يشار إلى التسرب الكبير في صفوف الطلاب من المدارس، حيث تشير التقديرات إلى وجود ملايين الأطفال المتغيبين عن مقاعد الدراسة في سوريا، كليا أو جزئيا.