سميح صعب – يتزامن أوسع تبادل للأسرى بين روسيا وأوكرانيا مع تصعيد حاد في الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة على موسكو وكييف ومدن أخرى على جانبي الحدود. هذا التصعيد يطرح احتمالين: إما أن جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب قد وصلت إلى مفترق طرق حاسم، أو أن الآمال في التوصل إلى تسوية سياسية قريبة قد تلاشت لصالح الخيارات العسكرية.
بعد المكالمة الهاتفية بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين الماضي، اتضح أن وقف إطلاق النار ليس وشيكاً، وأن تبادل الأسرى مجرد إجراء فني يهدف إلى استعادة أكبر عدد ممكن من الأسرى لأسباب داخلية روسية وأوكرانية.
في الأسابيع الأخيرة، كثفت روسيا وأوكرانيا استخدام الطائرات المسيّرة في الهجمات المتبادلة، بأعداد تتجاوز المئتين من كل جانب يومياً، مما يعكس استراتيجية لإظهار القوة والقدرة على مواصلة الحرب لأشهر أو سنوات، وأن القبول المبدئي بالوساطة الأميركية لا يعني الضعف.
السؤال الذي يثير قلق الأوروبيين الداعمين لأوكرانيا هو: كيف يراهن ترامب على إقناع بوتين بوقف الحرب، بينما هو غير قادر على إقناعه بهدنة لشهر واحد؟ يخشون الآن من أن يتخلى ترامب عن مساعيه بسبب عناد بوتين، بدلاً من تشديد العقوبات على روسيا وزيادة المساعدات لأوكرانيا.
الإجابة على تساؤلات الأوروبيين واضحة: العلاقات المتوترة بين ترامب وأوروبا، والتي تجسدت مؤخراً في تهديد الرئيس الأميركي بزيادة 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، مما أثار صدمة في بروكسل. في المقابل، يراقب بوتين اتساع الفجوة بين ضفتي الأطلسي، فلماذا يتعجل قبول وقف إطلاق النار؟
إضافة إلى ذلك، فإن التماسك الداخلي الأوكراني آخذ في التراجع، والمزاج الشعبي يميل نحو قبول تسوية مؤلمة. تجدر الإشارة إلى تصريح رئيس الأركان الأوكراني السابق، الجنرال فاليري زالوجني، الذي يشغل حالياً منصب سفير بلاده في لندن، لموقع “آر بي كيه أوكرانيا” الإخباري، حيث قال في منتدى بكييف الأسبوع الماضي: “آمل ألا يكون هناك أشخاص في هذه القاعة لا يزالون يأملون في حدوث معجزة تجلب السلام لأوكرانيا وحدود عام 1991 أو 2022… رأيي الشخصي هو أن العدو لا تزال لديه الموارد والقوات والوسائل لشن ضربات على أراضينا ومحاولة القيام بعمليات هجومية محددة”.
ينظر الأوكرانيون إلى زالوجني كرمز للحرب، لدوره المحوري في صد الهجوم الروسي على كييف عام 2022، والهجمات المضادة التي شنها الجيش الأوكراني لإخراج القوات الروسية من منطقتي خاركيف وسومي. لكن الواقعية التي أظهرها بشأن إمكانية تحقيق نصر عسكري كامل على روسيا أثارت خلافاً مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي، مما أدى إلى تنحيه.
يتفوق زالوجني على زيلينسكي في استطلاعات الرأي، ويعتبر مرشحاً محتملاً في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لا شك أن بوتين يراقب المستقبل الغامض للعلاقات الأميركية-الأوروبية، ويعتمد على تنامي الأصوات المعارضة لزيلينسكي في الداخل، على الرغم من أن هذه الظاهرة ليست واسعة النطاق كما يخشى الرئيس الأوكراني. لم تعد الحرب تعتمد فقط على قرار من بوتين أو زيلينسكي. الكثير يتوقف الآن على ترامب، وعلى أي جانب سينحاز، وهل يفكر حقاً في الانسحاب من الوساطة وترك الأمر للأوروبيين، والعمل بمقولة نائبه جي دي فانس: “هذه ليست حربنا!”
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار