الإثنين, 21 يوليو 2025 02:00 PM

تفاصيل حول المشفى المتنقل الذي أقامه الجيش الإسرائيلي في قرية حضر الدرزية السورية

تفاصيل حول المشفى المتنقل الذي أقامه الجيش الإسرائيلي في قرية حضر الدرزية السورية

في نهاية شهر مايو/أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تشغيل ما وصفه بـ "منشأة طبية ميدانية متنقلة" في قرية حضر، وهي إحدى القرى الدرزية الواقعة في مرتفعات الجولان السورية. الهدف المعلن من هذه المنشأة هو "تقديم العلاج الطبي لسكان المنطقة ودعم أبناء الطائفة الدرزية في سوريا".

أفاد مصدر عسكري في الجيش الإسرائيلي لـ بي بي سي نيوز عربي بأن المشفى عبارة عن كرفان يضم غرفًا وأجنحة تقدم خدمات طبية في تخصصات متعددة. وأوضح المصدر أن المشفى يقدم الإسعافات الأولية وبعض العلاجات، ولكنه لا يجري عمليات جراحية. ويضم طاقم المشفى طبيبة أمراض نساء، وطبيب أسرة، وطبيب أطفال.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن المرضى الذين يعانون من حالات حرجة يُعالجون داخل إسرائيل بعد تقييم حالتهم، ثم يعودون إلى قريتهم.

أدهم (اسم مستعار)، وهو أحد سكان قرية حضر السورية، صرح لـ بي بي سي نيوز عربي بأنه لم يكن هناك تنسيق مسبق بين إسرائيل وشيوخ الدروز في القرية لبناء هذا المشفى، وهو ما أكده الجيش الإسرائيلي لـ بي بي سي. وأوضح أدهم أن الدافع المعلن لبناء المشفى كان "إنسانيًا".

وأشار أدهم إلى حاجة القرية الماسة للمشفى، حيث لا يوجد حاليًا أي مستشفى في القرية، ويعمل فيها طبيبان فقط يقومان بفحص المرضى. وأضاف أن هذين الطبيبين غير مؤهلين لإجراء عمليات جراحية، ويقدمان فقط خدمات طبية محدودة، كما لا توجد معامل أو مراكز لإجراء التحاليل والأشعة في قرية حضر.

وفقًا لأدهم، فإن أقرب مستشفى لقرية حضر الدرزية هو مستشفى الجولان الوطني الحكومي في محافظة القنيطرة، والذي وصفه بأنه "شبه خالٍ من الأطباء والأجهزة الطبية". وأضاف أنه حتى إذا أراد أي من سكان القرية إجراء فحوصات أو تحاليل بداخله، فإنهم يشترون بعض المستلزمات الطبية.

وأوضح أدهم أنه في حال احتاج أي شخص لإجراء عملية جراحية، فإنه يذهب إلى العاصمة دمشق.

من جهته، قال محمد سعيد، مدير مديرية الإعلام في محافظة القنيطرة لـ بي بي سي، إن النظام السوري السابق "كان له دور كبير في تهجير العقول والكوادر الطبية من المنطقة بسبب الضغط الأمني أو تدني الأجور، مما جعل مستشفى الجولان يعمل بالحد الأدنى من إمكانيته".

وأضاف أنه "عندما تولت الحكومة الجديدة إدارة حكم البلاد، بدأت في ترميم بعض الأقسام كقسم الإسعاف وأمراض النساء، وتوفير بعض المعدات الطبية في ظل نقص كبير في أعداد الأطباء". وأكد أن "وزارة الصحة تسعى لسد العجز في الكوادر الطبية والمعدات الضرورية اللازمة".

تقع قرية حضر في جبل الشيخ في مرتفعات هضبة الجولان، وتبعد عن دمشق حوالي 75 كيلومترًا باتجاه الجنوب الغربي على الحدود السورية الإسرائيلية. تقع القرية ضمن نطاق المنطقة العازلة المحاذية لهضبة الجولان المحتلة.

في ديسمبر/ كانون الأول عام 2024، وبعد سقوط نظام بشار الأسد، أعلن الجيش الإسرائيلي عن انتشار قواته في تلك المنطقة العازلة، مبررًا ذلك بـ "دخول مسلحين" إليها، وبناءً على "تقييم للأحداث الأخيرة في سوريا".

وقد أدانت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أوندوف) دخول الجيش الإسرائيلي، وأشار متحدث باسم البعثة إلى ملاحظة "تحركات للجيش الإسرائيلي وعمليات بناء في أربعة مواقع في منطقة جبل الشيخ، ورفع أعلام إسرائيلية في ثلاثة مواقع داخل منطقة الفصل".

ورداً على سؤال عما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد نسق مع الحكومة السورية الجديدة قبل بناء المشفى، نفى محمد السعيد، مدير مديرية الإعلام في محافظة القنيطرة بسوريا، وجود أي تنسيق. وأضاف أن "الحكومة السورية تدين أي تدخل اسرائيلي داخل أراضيها، بما في ذلك الخطوة غير القانونية المتمثلة في بناء مشفى متنقل في قرية حضر".

ووصف سعيد بناء المشفى بأنه "انتهاك صارخ للسيادة السورية والقانون الدولي وهو جزء من محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لتبرير وجوده غير الشرعي في المنطقة".

بينما قال مصدر في الجيش الإسرائيلي لـ بي بي سي: "بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول [2023]، أدرك جيش الدفاع الإسرائيلي أنه من أجل حماية المواطنين الإسرائيليين، عليه أن يتحرك بشكل استباقي للدفاع عنهم، وأن يكون حاجزاً بين الإرهابيين وسكان إسرائيل".

وأضاف المصدر أنه أيضًا، بعد سقوط نظام الأسد ومع غياب الاستقرار في سوريا، "أنشأت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي منطقة عازلة بالقرب من الحدود الإسرائيلية، لتكون بمثابة طبقة حماية بين الإرهابيين وسكان إسرائيل".

يذكر أن أسرًا قد نزحت إلى قرية حضر قادمة من مدينة أشرفية صحنايا، في 30 أبريل/ نيسان الماضي، بعيد اشتباكات بين مسلحين مرتبطين بالسلطات والدروز، تخللها قصف إسرائيلي. ويقول أدهم إن عملية النزوح هذه زادت الوضع الإنساني داخل قريته سوءًا.

ويقول المصدر بالجيش الإسرائيلي إنه بسبب ذلك النزوح تم بناء المشفى في قرية حضر بالتحديد لمساعدة المدنيين السوريين الدروز الذين فروا من اشتباكات أشرفية صحنايا إليها، وقد توافد الكثير منهم إلى مناطق تمركز قوات الجيش القريبة منها.

وأضاف المصدر: "طلب المصابون [من المدنيين الفارين] المساعدة منا لعلاجهم، ولذلك كان من الملائم والمفيد جداً بناء المشفى هناك ولم يكن من المنطقي بناؤه في أي مكان آخر"، مضيفاً أن إسرائيل لديها مسؤولية تجاه أبناء الطائفة الدرزية، الذين لديهم عائلات يعيشون بداخلها.

وقد أكد أحد شيوخ الدروز في قرية حضر لـ بي بي سي توافد الفارين من أشرفية صحنايا إلى المناطق التي تنتشر بها القوات الإسرائيلية طلباً للمساعدة، وطلب عدم ذكر اسمه.

وقد قدم هذا المشفى "المتنقل" حتى الآن العلاج لأكثر من 500 مدني سوري دخل قرية حضر السورية، بحسب الجيش الإسرائيلي. (BBC)

مشاركة المقال: