في تطورات متسارعة للأزمة الأوكرانية، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى "سلام مشرف"، بالتزامن مع تقديم الولايات المتحدة خطة لإنهاء الحرب تقضي بتنازل كييف عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق البلاد لصالح روسيا.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تتضمن الخطة المقترحة "اعترافاً فعلياً" بهاتين المنطقتين، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014، "كأراض روسية"، بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة.
وأكد البيت الأبيض أن المناقشات حول خطة السلام لا تزال جارية، في ظل الصعوبات التي يواجهها الجيش الأوكراني في احتواء التقدم الروسي.
وتتضمن الخطة الأميركية المكونة من 28 نقطة تقاسم منطقتي خيرسون وزابوريجيا في الجنوب. كما تشترط على كييف التخلي عن طموحها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" وإدراج ذلك في دستورها.
وتنص الخطة أيضاً على تحديد عديد الجيش الأوكراني بـ 600 ألف جندي، والتزام حلف شمال الأطلسي بعدم نشر قوات في أوكرانيا، مع تمركز طائرات مقاتلة أوروبية في بولندا لحماية كييف.
وخلال لقائه وفداً من "البنتاغون" برئاسة وزير الجيش الأميركي دانيال دريسكول، أكد زيلينسكي أن أي اتفاق يهدف إلى إنهاء الغزو الروسي يجب أن يضمن "سلاماً مشرفاً يكفل احترام استقلالنا وسيادتنا".
وأفادت الرئاسة الأوكرانية بأن زيلينسكي تلقى رسمياً مشروع خطة من الولايات المتحدة "يمكن، وفقاً للتقييم الأميركي، أن يحيي (المساعي) الدبلوماسية"، وأنه يعتزم مناقشة "الإمكانات الدبلوماسية المتاحة وأبرز النقاط الضرورية من أجل السلام" مع نظيره الأميركي.
وكان زيلينسكي قد أكد في منشور عبر تطبيق "تلغرام" على أن "السلام ضروري، ونحن نقدّر جهود الرئيس ترمب وفريقه، لاستعادة الأمن في أوروبا".
وشدد البيت الأبيض على أن خطة السلام الأميركية المدعومة من الرئيس دونالد ترمب، والتي هي قيد التفاوض مع روسيا وأوكرانيا "جيدة" للطرفين، نافياً المخاوف من أنها تلبي الكثير من مطالب موسكو.
وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية ماركو روبيو، "عملا بشكل سري منذ شهر على هذا المشروع لفهم ما يمكن أن يكون هذان البلدان مستعدين (لتقديمه) من أجل التوصل إلى سلام دائم".
وأعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن بوتين زار "أحد مراكز القيادة للقوات المنتشرة غرباً وعقد اجتماعاً مع رئيس هيئة الأركان".
وفي سياق متصل، أعلنت روسيا السيطرة على مدينة كوبيانسك في شمال شرق أوكرانيا، في حين أعلن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف بأن القوات الروسية "تتقدم على كل الجبهات تقريباً".
وتدعو خطة السلام التي تدعمها واشنطن إلى توقيع "اتفاقية عدم اعتداء" بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا، مع التزام برد عسكري "منسق" وعقوبات دولية في حال تكرر الغزو الروسي.
وتتضمن الخطة "ضمانات أمنية" لأوكرانيا وخطة لإعادة الإعمار وإجراء انتخابات في غضون 100 يوم، بالإضافة إلى تمويل جهود إعادة الإعمار بما يصل إلى 100 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة.
كما تقترح الخطة إعادة تشغيل محطة زابوريجيا للطاقة النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتقسيم إنتاجها من الكهرباء مناصفة بين أوكرانيا وروسيا.
وأعرب مسؤول كبير في كييف عن أسفه لأن روسيا أملت مقترحات السلام ووافق الأميركيون عليها، بينما شددت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس على أن تحقيق السلام في أوكرانيا غير ممكن إلا بمشاركة الأوروبيين والأوكرانيين.
وسيتم مراقبة تنفيذ الخطة في حال موافقة جميع الأطراف عليها من قبل "مجلس سلام" يرأسه دونالد ترمب.
وفي تطور آخر، أعلن مركز أسرى الحرب التابع للحكومة الأوكرانية عن استعادة ألف جثمان لجنود أوكرانيين من الجانب الروسي.
وأكد مسؤول أميركي أن مسودة اتفاق السلام تتضمن التزاماً من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا على غرار تلك الخاصة بحلف شمال الأطلسي، متعهدين بالرد على أي هجمات مستقبلية ضدها.
وأورد تقرير موقع "أكسيوس" أن "أي هجوم عسكري (كبير ومتعمد ومستمر) في المستقبل من جانب روسيا على أوكرانيا سيعتبر هجوماً يهدد السلام والأمن في منطقة عبر الأطلسي، وسترد عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها وفقاً لذلك، بما فيه استخدام القوة العسكرية".