شهدت القاهرة خلال الأسبوع الماضي اجتماعات مكثفة لبحث ترتيبات مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة، حيث التقت ثمانية فصائل فلسطينية لمناقشة استدامة وقف إطلاق النار، ونشر قوة دولية في القطاع، وترتيب إجراءات الحكم في المرحلة المقبلة.
أفادت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» بأن المداولات بدأت بلقاءات ثنائية بين الفصائل، ثم انتهت إلى اجتماع موحد، اشترطت خلاله حركة «فتح» عدم الإعلان المسبق عن الاجتماع أو نشر صوره. وأوضحت المصادر أن ممثلي «فتح»، حسين الشيخ وماجد فرج، حضرا اللقاء، لكنهما «أنكرا حضورهما بصفتهما ممثلين للحركة أو السلطة»، وذلك بـ«ضغط مصري»، بعد رفض وفد «فتح» الجلوس مع الفصائل الأخرى.
انتهى الاجتماع إلى اتفاق على تشكيل «لجنة إدارية» لإدارة القطاع تتكون من شخصيات «تكنوقراط». ووفقًا للمصادر، تم التوافق المصري الفلسطيني على أن تتألف اللجنة من شخصيات لم تغادر القطاع خلال الحرب، وعددها 15 من أصل 40 شخصًا سمتهم الفصائل في آذار الماضي. كما تم قطع شوط كبير في تسمية رئيس اللجنة والأعضاء تمهيدًا لمباشرة مهامهم في غزة.
أشار مسؤولون مصريون لـ«الأخبار» إلى أن «مسؤولي المخابرات المصرية يجرون اتصالات مكثفة لبلورة الصيغة النهائية لمهام اللجنة الإدارية». وأضافوا أن هناك «مشكلة مع السلطة، مرتبطة بإرادة رئيسها أن تكون اللجنة تابعة له، وليست مستقلة»، معتبرين أن هذا الأمر قد لا يكون منطقيًا عمليًا، ولكن ربما تتم مراعاته شكليًا في الأسابيع الأولى.
خلال الاجتماعات، تم طرح موضوع تسليم السلاح، حيث تبنت فصائل المقاومة مبدأ تنظيم السلاح، مع التأكيد على الاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة في الضفة والقطاع والقدس، لا تقوم على قاعدة التسليم. في المقابل، أصر وفد «فتح» على أن تتولى السلطة كامل الأمور الأمنية والسياسية، دون أي وجود أمني أو سياسي في غزة للحكومة السابقة، وعلى قاعدة تسليم السلاح كاملاً، وهو ما يتعارض مع «الرؤية المصرية والوطنية الفلسطينية»، التي فضلت الدعوة إلى اجتماع للأمناء العامين للفصائل بهدف التوصل إلى استراتيجية وطنية نضالية واسعة.
في وقت سابق، أفادت مصادر «الأخبار» بأن «حركة حماس سلمت حركة فتح مذكرة وطنية تتناول فيها مخاطر المرحلة»، ودعتها إلى «اجتماع عاجل لقطع الطريق على الخطوات الأميركية الرامية إلى وضع غزة تحت وصاية دولية». كما طالبت الحركة «فتح» بضرورة «استئناف الحوار الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق ما اتفق عليه في لقاءات بكين»، لكن «فتح» اشترطت لأي حوار مع «حماس» تسليم السلاح، والعمل وفق البرنامج السياسي الخاص بـ«منظمة التحرير».
على صعيد آخر، تعرقل إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة، بينما أدخلت مصر معدات وآليات عبر معبر رفح للمساعدة في انتشال جثث الأسرى الإسرائيليين، على أن يتم تسليمها فور استخراجها بالتنسيق مع فصائل المقاومة.
في سياق منفصل، تعمل جهات محلية في غزة على إيجاد تسوية لملفات العملاء، حيث حدد «التجمع الوطني للقبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية» 250 دية لإنهاء ملف الدماء التي أريقت عن طريق الخطأ، وشجعت العائلات التي تورط أبناؤها في قتل خاطئ على إنهاء القضايا ودفع الديات. وكشفت مصادر أمنية عن تسليم العوائل لـ70 شخصًا كانوا قد التحقوا بعصابات إجرامية تعمل لصالح الاحتلال.