استقبل الرؤساء الثلاثة في لبنان وفدًا من سفراء وممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، كما التقى الوفد وزير الخارجية يوسف رجّي وقائد الجيش العماد رودولف هيكل. وكان الاجتماع مع الرئيس بري في عين التينة هو الأبرز.
خلال الجلسة، تحدث نحو ثمانية سفراء، وأكد رئيس الدورة الحالية للمجلس، سفير سلوفينيا، أن هدف الوفد هو الحوار واستكشاف أفضل السبل لمساعدة لبنان على التطبيق الكامل للقرار 1701، مع الرغبة في الاستماع إلى الأفكار اللبنانية حول المرحلة المقبلة.
وعلم أن الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس أشادت بالخطوات التي يتخذها لبنان لتطبيق القرار 1701، خاصةً تعيين دبلوماسي لرئاسة وفد لبنان إلى المفاوضات.
واستمع بري إلى آراء ممثلي الدول في مجلس الأمن، وتحدث مطولاً عن الوضع في الجنوب منذ إعلان وقف إطلاق النار، مؤكداً التزام لبنان بجميع متطلبات القرار، في حين تواصل إسرائيل الحرب من طرف واحد، بما في ذلك الاحتلال والقصف والاعتداءات واحتجاز الأسرى اللبنانيين، معتبراً أن التفاوض تحت النار أمر غير مقبول.
وتساءل بري عن دور مجلس الأمن في إلزام إسرائيل بتطبيق القرار 1701، وكيف يمكن ضمان تطبيقه مع إنهاء مهمة القوات الدولية العاملة في الجنوب.
وشدد على أن الاستقرار يتحقق بإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها والانسحاب، خاصةً مع تكثيف اللجنة الخماسية المنبثقة عن الاتفاق لاجتماعاتها، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار من قبل إسرائيل.
من جهته، وصف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قرار إرسال مندوب سياسي إلى المفاوضات مع إسرائيل بأنه "تنازل مجاني" و"سقطة إضافية" تضاف إلى قرار 5 آب المتعلق بنزع سلاح المقاومة. وأشار إلى وجود من يريد مواجهة المقاومة لأنها تطرح مشروعاً وطنياً ومستقلاً، مؤكداً أن حزب الله قدم تجربة مميزة على الصعيد الوطني، وأن العالم المستكبر يسعى للقضاء عليه.
وتطرق قاسم إلى رسالة حزب الله إلى البابا لاوون الرابع عشر، مؤكداً أن كل المحاولات لتشويه صورة الحزب ستفشل، وأن الحزب ليس في وارد منح شهادات وطنية لأحد، داعياً البعض إلى عدم إعطاء هذه الشهادات وهم بحاجة إلى تبرئة تاريخهم.
وفيما يتعلق بالخلافات السياسية الداخلية، دعا قاسم إلى تنظيمها وفقاً للدستور والقوانين، معتبراً أن الانتخابات النيابية تبرز الأمور بحقيقتها.
وجدد قاسم التأكيد على أن إسرائيل عدو توسعي ولم يلتزم بالاتفاق، وأن اعتداءاتها تهدف إلى احتلال لبنان تدريجياً ورسم إسرائيل الكبرى من بوابة لبنان، مؤكداً أن حدود الاتفاق هي التي يجب أن تحكم علاقات لبنان مع إسرائيل.
وكرر موقف الحزب بأنه لا علاقة لأميركا بالسلاح وباستراتيجية الدفاع وبخلافات اللبنانيين، مؤكداً أنه لا يوجد شيء اسمه بعد جنوب الليطاني.
وأكد قاسم أنهم يريدون إلغاء وجودهم ونزع سلاحهم وتجفيف أموالهم ومنع الخدمات عنهم، معلناً أن الحزب سيحفظ العهد وأمانة الشهداء ولن يتراجع، وسيدافع عن نفسه وأهله وبلده.
وفي سياق متصل، نفت أوساط عين التينة أن يكون وفد مجلس الأمن قد تطرق إلى مسألة بديل دولي لقوات اليونيفل في جنوب لبنان. وأشارت إلى أن الرئيس نواف سلام ناقش الأمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومع الأميركيين، وأن هناك أفكاراً كثيرة، بينها ما يتطلب العودة إلى الأمم المتحدة، وأخرى أوروبية تتحدث عن "قوة أممية" وليست بالضرورة "قوة دولية".
وأعربت مصادر سياسية عن مخاوفها من أن يكون موقف سلام ترحيباً بقوات متعددة الجنسيات، وحذرت من تكرار تجربة عام 1982 التي تحولت فيها هذه القوات إلى قوات احتلال معادية.
في هذه الأثناء، يواصل الجانب الأميركي الضغط على لبنان من أجل القيام بخطوات أكبر في سياق نزع سلاح حزب الله. وأعلن قائد القيادة المركزية الأميركية أن سوريا اعترضت شحنات أسلحة متجهة إلى حزب الله، مؤكداً أن للولايات المتحدة وشركائها الإقليميين مصلحة مشتركة في ضمان نزع سلاح الحزب. وأشار المبعوث الأميركي توم برّاك إلى أن الاتفاق بين سوريا وإسرائيل هو جزء من الحل للمسألة السورية، معرباً عن اعتقاده بأن السفير الأميركي الجديد في لبنان سيلعب دوراً في دفع حزب الله نحو حوار مدني، مستبعداً قيام الجيش اللبناني بنزع سلاح شريحة كبيرة من الشعب اللبناني بالقوة.
لكن أعضاء في الكونغرس الأميركي طالبوا الرئيسيْن عون وسلام بالعمل على نزع سلاح حزب الله، بما في ذلك باستخدام القوة إذا لزم الأمر، محذرين من أن عدم حصول ذلك سيمكن حزب الله من إعادة تسليح وبناء مواقعه، وأن أميركا ستجد صعوبة في استمرار دعمها لحكومة تسمح لمنظمة إرهابية بتحديد مستقبلها.