الثلاثاء, 23 سبتمبر 2025 01:52 PM

تقييم أداء حكومة الإنقاذ: التعيينات والإدارة في مناطق النظام السابق بين الإنجازات والإخفاقات

تقييم أداء حكومة الإنقاذ: التعيينات والإدارة في مناطق النظام السابق بين الإنجازات والإخفاقات

في الجزء الأول، استعرضنا دخول حكومة الإنقاذ إلى مناطق النظام السابق وإدارتها للمنظمات والمؤسسات الحكومية، مع الإقرار بإنجازات تحققت إلى جانب إخفاقات وتحديات كبيرة. مهمتنا كصحافيين تتجاوز رصد الإيجابيات، لتشمل تشخيص مواطن الخلل ومكامن استغلال النفوذ، بهدف تصحيح المسار.

أولاً – التعيينات على مستوى الصف الأول:

اتسمت هذه التعيينات بطابع سياسي في المقام الأول، ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة قطاعات رئيسية:

  • القطاع الأمني والعسكري: تجسدت هنا مقولة "من يحرر يقرر". حيث أُسندت الوزارات الأمنية والعسكرية، كالدفاع والداخلية والاستخبارات، إلى قادة من خلفيات ثورية. وكان لتوحيد الفصائل تحت مظلة وزارة الدفاع أهمية كبيرة، بغض النظر عن التقييم الإيجابي أو السلبي لهذه الآلية.
  • القطاع السياسي والمدني: شمل هذا القطاع المحافظين ومديري المناطق والنواحي. وجاءت معظم التعيينات من القادة العسكريين المرتبطين بغرف العمليات، مثل تعيين عامر الشيخ محافظاً لريف دمشق، وأنور الزعبي محافظاً لدرعا. وهو ما يعكس استمرار هيمنة العسكري على المدني في مرحلة انتقالية عنوانها "التقاسم" بانتظار الاستقرار.
  • القطاع الإداري الحكومي: ظهرت فيه شخصيات تكنوقراط مثل نضال الشعار وهند قبوات، مما أعطى انطباعاً أولياً عن توجه نحو الكفاءة. إلا أن ذلك لم يمنع تدخل الولاءات السياسية في بعض المواقع الحساسة، ويمكن وصف الحكومة بأنها "تكنوقراط جزئية".

ثانياً – التعيينات على مستوى الصف الثاني:

خضع هذا المستوى لهيمنة الصف الأول، وشهد دخول كوادر حكومة الإنقاذ إلى مختلف مفاصل المؤسسات، مما أفرز إشكاليات كبرى:

  • غياب المعايير الموضوعية.
  • تغييب القوانين النافذة لصالح الولاءات والمحسوبيات.
  • تبرير التعيينات بمقولة "مقتضيات المرحلة"، أو تقسيمات جغرافية مجحفة بين "مناطق المعارضة" و"مناطق النظام".

في بعض الأحيان، تحولت المؤسسات إلى غنائم توزع على المحسوبين، من بيوت وسيارات ومكاتب.

إدارة التغيير أم قيادة التغيير؟

  • إدارة التغيير والإصلاح: المسار المنشود، القائم على اختيار الكفاءات، وتقييم المهمشين من خبراء ومهندسين واقتصاديين، والاستفادة من خبراتهم. فالعديد من الموظفين السابقين يمتلكون خبرة تفوق بكثير كوادر الإنقاذ، لكن تم إقصاؤهم.
  • قيادة الإصلاح والتغيير: المسار الذي حدث على أرض الواقع. حيث استغل بعض قادة الإنقاذ المؤسسات للاغتناء والاستئثار بالمزايا، ونشأت طبقة جديدة من "المحررين" وضعت نفسها في مرتبة أولى، وتعاملت مع موظفي النظام السابق كمرتبة ثالثة.

ومن الأمثلة المؤسفة: تعيين مدير بمعهد متوسط على مؤسسة تضم خبراء بشهادات عليا، وعند الاعتراض، يكون الرد اتهامك بالفلولية أو عرقلة الإصلاح.

الخلاصة

لم تكن التعيينات الحالية في معظمها لخدمة الصالح العام، بل لتقاسم الغنائم. والمطلوب اليوم هو إدارة تغيير حقيقية، خاضعة لقوانين واضحة وشفافة، وقائمة على مبدأ الكفاءة والجدارة. عندها فقط يمكن لسوريا أن تبني مؤسسات دولة قادرة على النهوض.

في الجزء الثالث من السلسلة، سنعرض تصوراً عملياً للإصلاح والإدارة.

يتبع... زمان الوصل

مشاركة المقال: