الإثنين, 27 أكتوبر 2025 01:12 AM

تلوث بيئي وأضرار صحية: 17 معمل ألبان تهدد قرية الناصرية في درعا

تلوث بيئي وأضرار صحية: 17 معمل ألبان تهدد قرية الناصرية في درعا

درعا – محجوب الحشيش: تواجه قرية الناصرية، الواقعة شمال غربي محافظة درعا على الحدود الإدارية مع محافظة القنيطرة، مشكلة بيئية وصحية متفاقمة بسبب مخلفات 17 معملًا للألبان والأجبان تنشط في المنطقة. يشتكي السكان من الأضرار الناتجة عن هذه المخلفات، خاصة مع غياب خدمة الصرف الصحي في القرية.

أحد سكان قرية الناصرية، طلب عدم ذكر اسمه خوفًا من الخلافات مع أصحاب المعامل، صرح لعنب بلدي أن المياه الآسنة المتدفقة من حفر الصرف الصحي التابعة للمعمل المجاور لمنزله تتسبب في انتشار الروائح الكريهة والحشرات. وأضاف أن الأدخنة المتصاعدة من "الحراقات" المستخدمة في غلي الحليب تؤدي إلى مشاكل تنفسية لأبنائه.

لا تزال قرية الناصرية تعتمد على الطرق التقليدية في التخلص من المياه الآسنة عبر طمرها في حفر عميقة، مما يزيد من خطر فيضان الصرف الصحي.

دون جدوى

يحاول بعض أصحاب معامل الألبان في الناصرية نقل المياه الآسنة الناتجة عن مصل الألبان والأجبان إلى الأطراف الغربية للبلدة، بينما يقوم البعض الآخر بربطها بمجاري المنازل عبر تصريفها في حفر مطمورة، إلا أن هذه الحلول غير مجدية مع كثرة الاستخدام.

محمد عرار، أحد سكان البلدة، أوضح لعنب بلدي أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم وجود شبكة صرف صحي، مما يشكل هاجسًا لدى السكان ويتسبب في خلافات عائلية بسبب انتشار الحشرات والروائح الكريهة. ويلجأ بعض أصحاب المعامل إلى حرق الإطارات البالية والبلاستيك لتوفير التكلفة، مما يزيد من التلوث البيئي ويؤثر بشكل خاص على مرضى الربو والحساسية الصدرية.

فايز، من سكان القرية، أكد أن الروائح الناتجة عن حرق الإطارات تسببت له في أزمات صحية متكررة استدعت زيارة الطبيب، الذي نصحه بالابتعاد عن أي رائحة تحتوي على آثار بلاستيك أو إطارات. وأشار إلى أن المشكلة مستمرة بسبب اعتماد معظم أصحاب المعامل على هذه الممارسات.

مسؤولية الدولة

محمد العمر، صاحب معمل ألبان وأجبان في قرية الناصرية، أوضح لعنب بلدي أن معمله مرخص ويدفع الضرائب السنوية، معتبرًا أن مسؤولية التخلص من المخلفات تقع على عاتق الدولة. ومع ذلك، يقوم هو بنقل المياه الآسنة لمسافة كيلومترين عن أقرب منزل في الناصرية. وأضاف أن معمله يقع خارج المخطط التنظيمي، وأن البناء العشوائي ساهم في الاكتظاظ، إلا أنه يستخدم الديزل في تشغيل "الحرّاق" وينقل المخلفات بشكل يومي.

أضرار تطول البيئة

من جانبه، أفاد رئيس بلدية قرية الناصرية، علي الموسى، لعنب بلدي أن القرية تضم 17 معملًا للألبان والأجبان وتعتبر رائدة في الإنتاج، حيث يتم تصدير معظم إنتاجها إلى دمشق ومحافظات سورية أخرى. وأوضح أن المشكلة الأساسية هي فيضان حفر الصرف الصحي بسبب تصريف المصل الناتج عن الصناعة، حيث لا يزال السكان يعتمدون على الطرق البدائية في التخلص من المياه الآسنة.

وذكر أن بعض المعامل تنقل هذه المياه إلى غربي القرية، مما حرم العائلات من الاستمتاع بأجواء الطبيعة في تلك المنطقة التي كانت متنزهًا لهم. وأشار إلى أن استخدام المواد البلاستيكية في تشغيل "الحراقات" يزيد من الأضرار البيئية.

حلول بحاجة إلى قرار وميزانية

يرى الموسى أن تنفيذ شبكة صرف صحي في القرية هو الحل الأمثل، مشيرًا إلى أن مجلس البلدية خاطب مديرية الصرف الصحي لتنفيذ المشروع، إلا أن المديرية أفادت بأن التنفيذ يحتاج إلى موافقة وزارية وتخصيص ميزانية. وأضاف أن مجلس البلدية أعد مشروع رفع "طوبوغرافي" لمشروع الصرف الصحي مع كشف تقديري بحجم الأعمال، وتم رفعه إلى وزارة الإسكان والمرافق منذ ثلاث سنوات، ولكن لم يتم الرد عليه حتى الآن.

تتفاقم المشكلة بسبب مصب مياه الصرف الصحي من بعض قرى القنيطرة، الذي يقع بالقرب من قرية الناصرية ويسير مع السيول، ليصل إلى منتصف القرية. محمد عرار، رئيس بلدية سابق، أوضح لعنب بلدي أن نهاية مصب مياه الصرف الصحي في القنيطرة تحتاج إلى مشروع منفصل لتكملة نقله بقساطل وتركيب محطة معالجة في نهايته. ويرى أن تنفيذ هذا المشروع سيحل ما يقارب 60% من مشكلة الصرف الصحي في القرية، حيث يمكن ربط المعامل بالمياه الناتجة عنها بهذه القساطل.

البلدية دون مقومات

أكد رئيس البلدية، علي الموسى، أن المجلس عاجز عن ترحيل النفايات في القرية بسبب نقص الإمكانيات الفنية، حيث يفتقر إلى جرار مخصص لنقل النفايات وعمال. ويقتصر كادر المجلس على الرئيس ومديرة للمكتب الفني ومحاسبة فقط. وأوضح أن السكان يتخلصون من النفايات عبر نقلها بشكل ذاتي إلى أطراف القرية أو حرقها، مما يسبب تلوثًا بيئيًا.

تقع قرية الناصرية في ريف درعا الغربي، وتبعد حوالي ثمانية كيلومترات غربي مدينة نوى، ويبلغ عدد سكانها 6000 نسمة، بحسب بيانات المجلس. يعتمد السكان على صناعة الألبان والزراعة، ويوجد فيها سد "الناصرية" الذي جف هذا الموسم بسبب قلة الأمطار وعدم رفده من سدود القنيطرة.

مشاركة المقال: