الأحد, 22 يونيو 2025 11:33 PM

توقف محطة "الزر" يهدد آلاف الدونمات الزراعية بكارثة في دير الزور

توقف محطة "الزر" يهدد آلاف الدونمات الزراعية بكارثة في دير الزور

دير الزور – عبادة الشيخ: يواجه المزارعون في ريف دير الزور الشرقي أزمة حادة تهدد محاصيلهم الصيفية، وذلك بعد قرار مفاجئ من لجنة الاقتصاد التابعة لمجلس دير الزور المدني التابع لـ"الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا، بوقف تشغيل محطة ضخ "الزر" للري الزراعي.

القرار، الذي وصل شفويًا إلى موظفي المحطة في قرية الزر، دخل حيز التنفيذ منذ الأسبوع الأول من حزيران الحالي، في وقت بالغ الأهمية حيث تحتاج المحاصيل إلى كميات كبيرة من المياه. وحذر المزارعون من "كارثة" زراعية واقتصادية وشيكة في المنطقة.

تشير التقديرات إلى أن هذا القرار سيضر بأكثر من 15000 دونم تعتمد على مياه الري من المحطة، وتمتد الأراضي الزراعية المتضررة من قرية الزر وصولًا إلى بلدة الشنان في ريف دير الزور الشرقي.

بين موت المحصول وسداد الفواتير

يعتمد آلاف المزارعين في قرى ريف دير الزور بشكل كامل على محطة ضخ "الزر" لري محاصيلهم. وبالتالي، فإن توقف المحطة يعني موت محاصيلهم ورؤيتها تذبل أمام أعينهم.

المزارع أحمد العلي من بلدة الشحيل، الذي يمتلك عشرة دونمات مزروعة بالقطن والذرة الصفراء، أعرب عن غضبه من القرار قائلًا: "لقد استثمرت كل ما أملك في هذه الأرض، ودفعت ثمن بذور وأسمدة ومحروقات، وها هي التكاليف تتبخر أمام عيني".

وأضاف لعنب بلدي أنه دفع نحو 3000 دولار أمريكي في زراعة الأرض، وكان يأمل أن يكون هذا الموسم جيدًا لتعويض خسائر السنوات الماضية، لكن المحطة متوقفة منذ أيام، والمسؤولون يخبرونه بأنها لن تعمل حتى يتم دفع فواتير السقاية، أو بمعنى آخر، حتى يتم سحب الأموال من المزارعين بالقوة.

وذكر المزارع أن قرار إيقاف المحطة أثّر سلبًا على آلاف العائلات التي تعتمد على الزراعة كمصدر رزق وحيد.

من جانبه، حسين المحمدان، الذي يزرع الخضراوات الصيفية مثل البندورة والخيار والبامية الديرية، أشار إلى أن محاصيله تتطلب ريًا يوميًا، معتبرًا أن "يومًا واحدًا من العطش يمكن أن يدمر المحصول بأكمله".

وقال حسين، إن الخسائر تتزايد بشكل يومي مع توقف ضخ المياه، فالبندورة تضررت بشكل كبير، ويقدّر أنه فقد أكثر من نصف المحصول.

اعتادت اللجنة جمع مبالغ من المزارعين المستفيدين من محطة الري بشكل سنوي بحسب المساحة المزروعة لديهم، لكن المزارعين لم يدفعوا هذا العام، وأرجع بعضهم السبب لسوء وضعهم المالي.

كارثة بيئية واقتصادية وشيكة

للتعرف على حجم الأضرار المحتملة وتأثير هذا القرار على القطاع الزراعي في المنطقة، التقت عنب بلدي مع المهندس الزراعي ضياء الجراح، الذي اعتبر أن توقف محطة ضخ "الزر" في هذا التوقيت الحرج هو بمثابة حكم بالإعدام على الموسم الزراعي.

وقال المهندس إن هذه المحطة تخدم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في المنطقة، وتعتمد عليها آلاف الدونمات المزروعة بمحاصيل استراتيجية مثل القطن والذرة، بالإضافة إلى الخضراوات الصيفية التي تعتبر مصدرًا رئيسًا لدخل المزارعين.

وأضاف المهندس أن المحاصيل الصيفية تتطلب كميات كبيرة من المياه خلال مراحل نموها المختلفة، وخاصة في مراحل الإزهار وتكوين الثمار، وبالتالي فإن نقص المياه يؤدي إلى ذبول النباتات، وتساقط الأزهار والثمار، وضمور البذور، ما يقلل الغلة، وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى موت النبات بالكامل.

وذكر أنه في حالة القطن والذرة، فإن الخسائر ستكون فادحة، إذ إن هذه المحاصيل حساسة جدًا لنقص المياه في هذه الفترة.

ولا يقتصر الضرر على المحاصيل الحالية، بل يمتد ليشمل التربة أيضًا وفق المهندس، لأن نقص الرطوبة يؤدي إلى تشقق التربة، وزيادة ملوحتها على المدى الطويل، ما يجعلها أقل خصوبة وصلاحية للزراعة في المواسم المقبلة.

واعتبر المهندس الزراعي أن ما يحصل أشبه بـ"كارثة بيئية واقتصادية شاملة إذا لم يتم تدارك الوضع بسرعة".

تنظيم للجباية

موظف بلجنة الاقتصاد في "الإدارة الذاتية" (فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام)، أشار إلى أن القرار يأتي في إطار جهود تنظيم عملية الجباية وضمان استمرارية الخدمات.

وذكر أن لجنة الاقتصاد تدرك أهمية الري للمزارعين، لكن تشغيل محطات الضخ يتطلب تكاليف باهظة من صيانة ومحروقات ورواتب للموظفين.

وقال: "لفترة طويلة، كان هناك إهمال كبير في دفع مستحقات السقاية من قبل بعض المزارعين، ما أثر على قدرة اللجنة على توفير هذه الخدمة بشكل مستدام".

وذكر أن الهدف من هذا القرار ليس الإضرار بالمزارعين، بل هو حثهم على الالتزام بسداد المستحقات المتراكمة لضمان استمرارية عمل المحطة وتوفير المياه للجميع.

ولفت إلى أن اللجنة تعمل على وضع آلية أكثر فعالية للجباية لضمان عدم تكرار هذه المشكلة في المستقبل، وقد تلجأ الجنة إلى حلول مؤقتة بالتنسيق مع المزارعين الأكثر تضررًا.

ولم يقدم الموظف إجابة واضحة حول إعادة تفعيل المحطة، مكتفيًا بالقول إن "المسألة قيد الدراسة، وستتم إعادة تشغيل المحطة فور التوصل إلى حلول مُرضية تضمن الجباية العادلة للمستحقات".

مشاركة المقال: