الأحد, 13 يوليو 2025 08:45 PM

توم براك يثير الجدل بتصريحات حول "بلاد الشام" ويتراجع: ما هي الرسائل الأميركية للبنان؟

توم براك يثير الجدل بتصريحات حول "بلاد الشام" ويتراجع: ما هي الرسائل الأميركية للبنان؟

سعى الموفد الأميركي إلى لبنان، توم براك، يوم أمس، إلى تخفيف حدة الارتباك الذي خلفته تصريحاته المتعلقة بـ "عودة لبنان إلى بلاد الشام". وكان براك قد حذر من أن لبنان قد يواجه خطر الوقوع في قبضة القوى الإقليمية إذا لم يعالج سريعًا ملف سلاح "حزب الله".

عبر حسابه على منصة "إكس"، أوضح براك أن تصريحاته يوم الجمعة "لا تمثل تهديدًا للبنان، بل هي إشادة بالخطوات الكبيرة التي قطعتها سوريا"، مؤكدًا التزامه بدعم العلاقة بين لبنان وسوريا.

أثارت تصريحات براك الأخيرة صدمة في الأوساط السياسية اللبنانية. وذكرت مصادر نيابية أن براك "يدرك حساسية الوضع اللبناني وهشاشته، والتوازنات الدقيقة فيه التي تختلف عن الوضع في سوريا".

علقت مصادر سياسية متابعة لـ "نداء الوطن" على تصريحات الموفد الأميركي، معتبرة أنها ليست "زلة لسان أو سوء تعبير"، بل تأتي في سياق الضغط الدبلوماسي "المقصود" على السلطة السياسية و"حزب الله" معًا، بهدف دفعهما إلى التوقف عن المناورة وكسب الوقت، والشروع الفوري في إجراءات نزع سلاح "الحزب" والفصائل الفلسطينية، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار والورقة الأميركية.

أفادت مصادر نيابية مواكبة لمحادثات لبنان مع واشنطن لـ "الشرق الأوسط" بأن براك "يتعامل ببراغماتية، وهو أكثر واقعية ممن سبقوه، بدليل حديثه عن تفاوض الجيش اللبناني بلين مع (حزب الله)، منعاً للانزلاق إلى حرب أهلية"، لكنها أعربت عن تفاجئها من التصريح المرتبط بالتحذيرات من خطر وجودي.

أشارت المصادر إلى أن هذا التصريح "يمكن أن يعقد أصلاً مهمة جمع سلاح (حزب الله)، ويصعب المهمة على الدولة اللبنانية، على ضوء المخاوف السيادية التي سيثيرها في أوساط جميع اللبنانيين".

ترى مصادر حكومية أن هذا التحذير "يعبر عن (العصا) التي يحملها براك، إلى جانب (الجزرة) التي يغري بها (حزب الله)"، موضحة أن "رسالة الإغراء تتمثل في الاعتراف بجناحين للحزب، وهي المرة الأولى التي تصدر عن مسؤول أميركي، بالنظر إلى أن واشنطن لا تفرق بين (السياسي) و(العسكري)، وتجمع الطرفين على لوائح العقوبات".

ذكرت "النهار" أن المشهد اللبناني يكتنفه الغموض في ظل التطورات والتحولات المصيرية المتسارعة في المنطقة، وخاصة اللقاءات المباشرة السورية الإسرائيلية، والتي تشير إلى قرب قيام إطار أمني أو تطبيعي بين إسرائيل وسوريا، وهو ما سيكون له تأثير مباشر وغير مباشر على لبنان. وأضافت أنه بعد أيام قليلة من زيارة توم براك المثيرة للجدل إلى لبنان، فوجئت الأوساط الرسمية والسياسية والإعلامية بموقف صادم لبراك أثار ردود فعل واسعة.

هذا الموقف الصادم، الذي تمثل في تحذير غير مسبوق من عودة لبنان إلى "بلاد الشام"، أثار تساؤلات حول طبيعة تصريحات براك، وما إذا كان تحذيره ناتجًا عن خيبة أمل من الرد اللبناني على ورقته، على الرغم من ترحيبه المغالي بالرد خلال زيارته لبيروت.

ومما زاد الأمور تعقيدًا، أن براك عاد وأصدر توضيحًا لتصريحه الصادم، إلا أنه لم يخفف كثيرًا من أصداء موقفه الأول.

لم يكن من الممكن تحديد ما إذا كان التحول الحاد في تصريحات براك يشكل إنذارًا خطيرًا لأركان السلطة في لبنان، بأن الاستمرار في التساهل وتضييع الوقت دون وضع برنامج زمني واضح وحاسم لنزع سلاح "حزب الله" سيعرض لبنان لعواقب وخيمة.

تساءلت "الديار" عما إذا كانت تصريحات توم براك الصادمة والخطيرة قد أثارت علامات استفهام كبيرة حول أسباب وخلفيات بعض ما أدلى به، خاصة حول تهديد وجود لبنان والمخاوف من "إعادته إلى بلاد الشام".

ساهمت هذه العبارات في زيادة منسوب القلق مجددًا، بعد أن تركت تصريحاته خلال زيارته لبيروت و إعلانه عن رضاه الكبير على الرد اللبناني ارتياحًا نسبيًا لدى المسؤولين اللبنانيين.

كما طرحت تساؤلات عديدة حول الجواب الأميركي المرتقب على الرد اللبناني الذي يفترض أن يعود به إلى بيروت في زيارته الثالثة المرتقبة في 23 أو 24 الجاري.

قال مصدر لبناني مطلع إن "تصريحات الموفد الأميركي لا تعكس ولا تتلاءم بعضها مع أجوائه ومواقفه خلال زيارته للبنان ولقاءاته مع الرؤساء الثلاثة"، متسائلاً عن الأسباب التي جعلته يتحدث عن الخطر الوجودي على لبنان، وكلامه على العودة إلى بلاد الشام".

أوضح أن الانطباع الذي ساد بعد لقاءات براك في لبنان والتصريحات التي أدلى بها خلال الزيارة يختلف عن أجواء حديثه أمس، خصوصًا أنه حرص على إبداء رضاه الكبير وتفهمه للموقف اللبناني من الورقة الأميركية.

حرص المصدر على عدم التعليق حول ما صدر عن براك أمس، ملاحظًا أن في بعض الفِقرات التي وردت في حديثه شيئًا من الإساءة في التعبير أو اجتهادات في غير محلها.

كتبت "الأنباء الكويتية" أن موقف رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أمام مجلس العلاقات العربية والدولية من أن "السلام هو حالة اللاحرب وهذا ما يهمنا في لبنان، أما مسألة التطبيع فهي غير واردة في السياسة اللبنانية الخارجية الراهنة"، بمنزلة جواب حاسم ونهائي على بنود أساسية بعيدة المدى في "الورقة الأميركية" التي حملها المبعوث توماس باراك إلى بيروت، وحصل على رد لبناني رسمي عليها في زيارته الأخيرة إلى بيروت الأسبوع الماضي.

موقف لبناني رسمي لافت في ضوء ما تناهى إلى القيادة السياسية اللبنانية من ضرورة حث الخطوات ومواكبة ما يجري إقليميا، خصوصا على صعيد الصراع مع إسرائيل.

وقد رسم رئيس الجمهورية المتاح والممكن بالحد الأقصى للموقف اللبناني في هذه المرحلة وتلك الأبعد بقليل، مراعيا التركيبة اللبنانية، ومنطلقا من موقف إجماع بكون إسرائيل عدوة، ويتعاطى معها لبنان وفقا لاتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949، ولاحقا بقرارات دولية عدة آخرها الـ 1701 الذي تلا حرب يوليو 2006، والتي صادف يوم أمس السبت ذكراها الـ 19.

باختصار رسم الرئيس جوزف عون الخط الفاصل الممكن للبنان تحديده، موجها رسالة إلى الداخل قبل الخارج، وقد حث فيها على الانخراط في الدولة الضامنة لأبنائها، من طريق حصرية السلاح وامتلاك قرار الحرب والسلم، لتمكين لبنان لاحقا من نيل ثقة المجتمع الدولي، وتاليا الحصول على مساعدات خاصة بعملية إعادة الإعمار.

مشاركة المقال: